The Call of the Righteous in the Jurisprudence of Fasting and the Virtue of Ramadan
نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان
Nau'ikan
وفي الحديث: "وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".
وفي الحديث: ".. إن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله تعالى فجزاه فرج".
قال العلامة ابن رجب: "أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحا بإباحة ما مُنعت منه خصوصًا عند اشتداد الحاجة إليه، فإن النفوس تفرح بذلك طبعًا فإن كان ذلك محبوبًا لله كان محبوبًا شرعًا، والصائم عند فطره كذلك، فكما أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها في ليل الصيام بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره فأحب عباده إليه أعجلهم فطرًا، والله وملائكته يصلون على المتسحرين، فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقربًا إلى الله وطاعة له ويبادر إليها في الليل تقربًا إلى مولاه، وأكل وشرب وحمد الله فإنه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك، وفي الحديث: "إن الله ليرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها"، وربما استجيب دعاؤه عند ذلك، وإن نوى جمله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثابًا على ذلك.
قال أبو العالية: الصائم في عبادة وإن كان نائمًا على فراشه فكانت حفصة تقول: يا حبذا عبادة وأنا نائمة على فراشي فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره فهو في نهاره صائم صابر وفي ليله طاعم شاكر.
وفي الحديث الذي خرجه الترمذي وغيره: "الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر"، ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقف في معنى فرح الصائم عند فطره، فإنّ فطره على الوجه المشار إليه من فضله ورحمته فيدخل في قول الله تعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) .
وأما فرحه عند لقاء ربه: فبما يجده عند الله من ثواب الصيام مدّخرًا فيجده أحوج ما كان إليه كما قال تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرا)
1 / 51