¬إقليما أحسن من صقعهم، لأنه جمع من المحاسن ما تفرق في غيره، ومن الفضائل ما تشتت في سواه، يقول أبو عبيد البكري: "الأندلس شامية في طيبها وهوائها، يمانية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جبايتها، صينية في جواهر معادنها، عدنية في منافع سواحلها ... " (^١).
وكانت هذه الأرض الطيبة هي تلك التي نطيت فيها عن ابن حزم تمائمه، فولد فيها، ودرج بين أكفانها، وعاش بين جنباتها بين سنة ٣٨٤ هـ وسنة ٤٥٦ هـ، وفي هذه الفترة شهدت الأندلس أفول نجم الخلافة، ومجيء دول الطوائف والتنازع على الإمارة. وتفصيل ذلك: أنه لما توفي الحكم الثاني المستنصر بالله (^٢) سنة ٣٦٦ هـ خلفه ابنه الصبي هشام المؤيد بالله (^٣)، وهو فتى في العاشرة من عمره، قليل التجربة، ضعيف العقل، خائر القوى، فحجبه في القصر، واستبد بالأمر دونه المنصور بن أبي عامر (^٤) الذي استطاع أن يتسنم ذروة الحكم الحقيقي في