The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Mai Buga Littafi
دار ابن القيم بالإسكندرية
Nau'ikan
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِفَضْلِ السُّرُورِ وَكَرَمِ الْعَيْشِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ مَنْ لاَ يَبْرَحُ رَحْلُهُ مِنْ إِخْوَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ مِنَ الصَّالِحِينَ مَوْطُوءًا، وَلاَ يَزَالُ عِنْدَهُ مِنْهُمْ زِحَامٌ، وَيَسُرُّهُمْ وَيَسُرُّونَهُ، وَيَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَاتِهِمْ وَأُمُورِهِمْ، فَإِنَّ الْكَرِيمَ إِذَا عَثَرَ لَمْ يَسْتَقِلْ إِلاَّ بِالْكِرَامِ، كَالْفِيلِ إِذَا وَحِلَ (١) لَمْ يَسْتَخْرِجْهُ إِلاَّ الْفِيَلَةُ.
لاَ يَرَى الْعَاقِلُ مَعْرُوفًا صَنَعَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا. وَلَوْ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَعَرَضَهَا فِي وُجُوهِ الْمَعْرُوفِ لَمْ يَرَ ذَلِكَ عَيْبًا، بَلْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أَخْطَرَ الْفَانِي بِالْبَاقِي، وَاشْتَرَى الْعَظِيمَ بِالصَّغِيرِ.
وَأَغْبَطُ النَّاسِ عِنْدَ ذَوِي الْعَقْلِ أَكْثَرُهُمْ سَائِلًا مُنْجِحًا (٢)، وَمُسْتَجِيرًا آمِنًا.
لاَ تَعُدَّ غَنِيًّا مَنْ لَمْ يُشَارِكْ فِي مَالِهِ ِ، وَلاَ تَعُدَّ نَعِيمًا مَا كَانَ فِيهِ تَنْغِيصٌ وَسُوءُ ثَنَاءٍ، وَلاَ تَعُدَّ الْغُنْمَ غُنْمًا إِذَا سَاقَ غُرْمًا وَلاَ الْغُرْمَ غُرْمًا إِذَا سَاقَ غُنْمًا، وَلاَ تَعْتَدَّ مِنَ الْحَيَاةِ مَا كَانَ فِي فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ.
(١) أي: وقع في الوَحَل بالتحريك، وهو الطين. وأما الوَحْل - بسكون الحاء - فلغة رديئة، فتنبه. (٢) أي: قُضيت له حاجتُهُ.
1 / 74