The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Mai Buga Littafi
دار ابن القيم بالإسكندرية
Nau'ikan
أَبْعَدُهُمْ مِنَ الْإِفْرَاطِ. وَأَظْهَرُهُمْ جَمَالًا أَظْهَرُهُمْ حَصَافَةً (١). وَآمَنُهُمْ فِي النَّاسِ آكَلُهُمْ نَابًا وَمِخْلَبًا. وَأَثْبَتُهُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمِ أَنْطَقُهُمْ عَنْهُمْ. وَأَعْدَلُهُمْ فِيهِمْ أَدْوَمُهُمْ مُسَالَمَةً لَهُمْ. وَأَحَقُّهُمْ بِالنِّعَمِ أَشْكَرُهُمْ لِمَا أُوتِيَ مِنْهَا.
أَفْضَلُ مَا يُورِثُ الآبَاءُ الْأَبْنَاءَ: الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَالْأَدَبُ النَّافِعُ، وَالْإِخْوَانُ الصَّالِحُونَ.
فَصْلُ مَا بَيْنَ الدِّينِ وَالرَّأْيِ: أَنَّ الدِّينَ يَسْلَمُ (٢) بِالْإِيمَانِ، وَأَنَّ الرَّأْيَ يَثْبُتُ بِالْخُصُومَةِ. فَمَنْ جَعَلَ الدِّينَ خُصُومَةً فَقَدْ جَعَلَ الدِّينَ رَأْيًّا، وَمَنْ جَعَلَ الرَّأْيَ دِينًا فَقَدْ صَارَ شَارِعًا، وَمَنْ كَانَ هُوَ يُشَرِّعُ لِنَفْسِهِ الدِّينَ فَلاَ دِينَ لَهُ.
قَدْ يَشْتَبِهُ الدِّينُ وَالرَّأْيُ فِي أَمَاكِنَ لَوْلاَ تَشَابُهُهُمَا لَمْ يَحْتَاجَا إِلَى الْفَصْلِ.
الْعُجْبُ آفَةُ الْعَقْلِ، وَاللَّجَاجَةُ (٣) قُعُودُ الْهَوَى، وَالْبُخْلُ (٤) لِقَاحُ الْحِرْصِ، وَالْمِرَاءُ فَسَادُ الِّلسَانِ، وَالْحَمِيَّةُ سَبَبُ الْجَهْلِ، وَالْأَنَفَةُ تَوْءَمُ السَّفَهِ،
_________
(١) الْحَصَافَة: قوة العقل وجودة الرأي، يقال: حَصُفَ الرَّجُلُ حَصَافَةً، إذا كان جيد الرَّأْي مُحْكَمَ العقل، وهو حَصِفٌ وَحَصِيفٌ بَيِّنُ الْحَصَافَةِ.
(٢) ضُبطت في "ك" هكذا: [يُسْلَمُ].
(٣) يقال: لَجَّ في الأمر لَجَاجًا وَلَجَاجَةً: أي: تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه.
(٤) البخل فيه خمس لغات: البُخْل، والبُخُل، والبَخْل، والبَخَل، والبُخُول.
1 / 45