وقوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ ١.
الآية الثالثة: قوله: (فصل): الفاء للسببية عاطفة على قوله: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ ٢ أي: بسبب إعطائنا لك ذلك صل لربك وانحر شكرا لله تعالى على هذه النعمة. والمراد بالصلاة هنا الصلاة المعروفة شرعا.
وقوله: وانحرف: المراد بالنحر: الذبح، أي اجعل نحرك لله كما أن صلاتك له فأفادت هذه الآية الكريمة أن النحر من العبادة، ولهذا أمر الله به وقرنه بالصلاة.
وقوله: (وانحر): مطلق، فيدخل فيه كل ما ثبت في الشرع مشروعيته، وهي ثلاثة أشياء: الأضاحي، والهدايا، والعقائق، فهذه الثلاثة يطلب من الإنسان أن يفعلها.
أما الهدايا، فمنها واجب، ومنها مستحب، فالواجب كما في التمتع: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ ٣ وكما في المحصر: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ ٤ وكما في حلق الرأس: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ ٥ هذا إن صح أن نقول: إنها هدي، ولكن الأولى أن نسميها فدية كما سماها الله- ﷿، لأنها بمنزلة الكفارة.
وأما الأضاحي، فاختلف العلماء فيها، فمنهم من قال: إنها واجبة. ومنهم من قال: إنها مستحبة. وأكثر أهل العلم على أنها مستحبة، وأنه يكره للقادر تركها ومذهب أبي حنيفة ﵀ أنها واجبة على القادر، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية. والأضحية ليست عن الأموات كما يفهمه العوام، بل هي للأحياء،
١ سورة الكوثر آية: ٢.
٢ سورة الكوثر آية: ١.
٣ سورة البقرة آية: ١٩٦.
٤ سورة البقرة آية: ١٩٦.
٥ سورة البقرة آية: ١٩٦.