The Art of Journalistic Essay in the Literature of Taha Hussein
فن المقال الصحفي في أدب طه حسين
Mai Buga Littafi
الهيئة المصرية العامة للكتاب
Lambar Fassara
-
Nau'ikan
ولا يدركها البلى، لا حياة الأجسام التي تُخْلَق من تراب وتصير إلى تراب"١ وهذه الحياة -عند طه حسين- هي حياة الجماعات الإنسانية من حيث أنها جماعات طامحة بطبعها إلى الرقي، والسمو إلى الكمال بقدر الطاقة في جميع فروع النشاط الذي تبذل فيه جهودنا على اختلافها٢. أو هي -الحياة- التي تتمثَّل في اهتمامات القارئ، والتي تشكل مادة العمود الصحفي ومضمونه٣، حين يخوض في مشكلات الحياة المصرية في شجاعة وجرأة وإقدام٤، وحين يقاوم "ما رأى أنه الباطل أشد المقاومة وأقساها، ويدافع عَمَّا رأى أنه الحق أعنف الدفاع وأقواه، ويعالج من المشكلات الاجتماعية والإنسانية ما أتاح له علمه ودرايته وطبعه وتجاربه أن يعالجه"٥.
١، ٢ المرجع نفسه ص١١٧.
٣ Olin Kinkl and John Henris، op. cit.، p. ٤١.
٤ خصام ونقد ص١١٩، ١٢٢.
٥ المرجع نفسه ص١١٩، ١٢٢.
تحرير العمود الصحفي:
وتحرير العمود الصحفي لا يفصل بين الشكل والمضمون، ذلك أن شكل العمود ينبع من مضمونه ومن خلاله، وإذا كان بعض الدارسين للصحافة لا يجد بأسًا من أن يستخدم كاتب العمود أحيانًا الأسلوب الأدبي في تحريره، وأن يتميز هذا الأسلوب بالجمال عن طريق اختيار الألفاظ الجذابة والعبارات الرقيقة التي تعبِّر عن الفكرة تعبيرًا جميلًا١. فإن هذا العنصر التحريري يتمثَّل الأصالة في التراث العربي، ويضيف إليها، من خلال جلائها بروافد الثقافة الأوربية القديمة والحديثة، ويتناول في مقاله أغلب الفنون التي تناولها الشعراء، ويتفوَّق عليهم، كما فعل الجاحظ في النثر العربي من قبل٢، وأتى بما لم يوفق الشعراء إلى أن يؤدوه.
ذلك أن من عناصر الأصالة في تراثنا العربي: عمود الشعر، الذي لم "يستطع القدماء تحديده، ولكنهم حرصوا عليه أشد الحرص، وهذا الذي لم يستطع أحد من شعرائنا أن ينحرف عنه في حقيقة الأمر مهما يقل في مسلم ودعبل وأبي تمام والمتنبي وغيرهم من أصحاب التكلُّف والتصنُّع والبديع، فهؤلاء وأمثالهم قد همَّوا أن يجددوا، وجدَّدوا بالفعل في كثير من الأشياء، ولكنهم احتفظوا دائمًا بفصاحة اللغة وجزالتها، وبرونق الأسلوب ورصانته، كما احتفظوا بالأوزان القديمة، فلما جدَّدُوا لم يبتكروا إلّا أوزانًا يمكن أن تُرَدَّ إلى الأوزان القديمة على نحوٍ من الأنحاء"٣.
١ الدكتور عبد اللطيف حمزة: مرجع سبق ص٥٣٨.
٢ من حديث الشعر والنثر ص٥٦.
٣ ألوان ص١٥، ١٦.
1 / 195