52

The Approach of Ibn al-Athir al-Jazari in His Work 'The End in the Strange Hadith and Effects'

منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

Mai Buga Littafi

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة

Nau'ikan

وفي حديث عثمان (١): "وأنا أشرب ماء المِلْح". يقول: "ماء مِلْح إذا كان شديد الملوحة، ولا يقال: مالح، إلا على لغةٍ ليست بعالية". وكان صاحب"النهاية"- وهو الخبير بمفردات اللغة واشتقاقاتها وأوزانها- يتذوَّق الكلمة، ويلمح ما تحمله من سعة في دلالاتها، وامتداد في تأثيرها، فيحكم على هذا الوزن - أو هذه اللفظة - بأنه أبلغُ من قَسيمه. يقول في أسماء الله تعالى الرحمن الرحيم (٢): "وهما من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، والرحمن خاصٌّ لله لايُسَمَّى به غيره، ولا يُوصف، والرحيم يوصف به غيرُ الله تعالى، فيُقال: رجل رحيم، ولا يُقال: رحمن". وقد يلحظ صاحب"النهاية"أنَّ اللفظ الغريب الذي يتحدث عنه ينتمي إلى أسرة لغوية عُرِفَتْ في مصنفات اللغويين بالأضداد، فيشير إليها، ويحيط بدلالتها، ومن ذلك حديث (٣): "كان يبدو إلى هذه التِّلاع"، فيقول: "التِّلاع: مسايل الماء من عُلْوٍ إلى سُفْل، واحدها تَلْعَة. وقيل: هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الماء وأشرف منها". وفي حديث ابن مسعود (٤): "كنَّا عند النبي ﷺ ذات ليلة فَأَكْرَيْنَا في الحديث". أي: أَطَلْنَاه، يقول: "وأكرى من الأضداد، يقال: إذا طال وقَصُرَ، وزادَ ونقص".

(١) النهاية: ٤ / ٣٥٥. (٢) النهاية: ٢ / ٢١٠. (٣) النهاية: ١ / ١٩٤. (٤) النهاية: ٤ / ١٧٠.

1 / 52