وأما الثاني وهو سؤال الصدقة فظاهر السؤال أنهم أرادوا وفاء الكيل، وقيل: إرخاص السعر، وقيل: الزيادة، والسؤال الذي على وجه المماكسة في البيع والنكاح ونحو ذلك جائز.
وأما إذا كان في غير عقود المعاوضات فجائز أيضا للمضرة، وفي الحديث عنه : ((لا تحل المسألة إلا لذي فقر مدقع، أو دم مقطع، أو غرم موجع)) وقد يجب السؤال لدفع المضرة لوجوب نفقة الزوجة والأبوين العاجزين، والأولاد الصغار.
وأما الزائد على ذلك فالمذهب تحريمه لهذا الخبر وأمثاله.
وعن أبي حنيفة, والشافعي ,وصححه الشيخ أبو جعفر جوازه؛ لأن الله تعالى قال: {وأما السائل فلا تنهر} فلو فعل محرم جاز نهره، وهذا في سؤال غير الإمام، فأما سؤال الإمام فجائز؛ لأن في الحديث إلا أن يسأل ذا سلطان، يقال: المراد إذا سأل للضرورة.
وقيل: أرادوا بالصدقة إخراج أخيهم، ولا إشكال في جواز ذلك، قيل: الصدقة محرمة على الأنبياء فلم يريدون الزيادة، ولكن أرادوا إرخاص السعر والإغماض عن رداءة البضاعة، وهذا مروي عن سعيد بن جبير وغيره.
وقيل: سألوا الزيادة والصدقة لم تحرم على أحد من الأنبياء إلا على نبينا ، وهذا مروي عن سفيان بن عيينة ،
ولما سئل ابن عيينة عن ذلك قال: ألم تسمع وتصدق علينا، والصدقة هي العطية التي ينبغي بها المثوبة من الله، ومنه قول الحسن لما سمع من يقول: اللهم تصدق علي، إن الله لا يتصدق إنما يتصدق الذي ينبغي الثواب، قل اللهم اعطني أو ارحمني،
وكذا روي عن مجاهد كراهة اللهم تصدق علينا، لكن قد ورد في حديث يعلى بن منبه أنه لما قال عمر للنبي : ما بالنا نقصر وقد أمنا؟ فقال النبي : ((ذلك صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)) وفي ذلك دلالة على أن المحاباة في إرخاص السعر كالصدقة،
وقد اختلف العلماء هل يجوز للقاضي أن يتولى البيع بنفسه؟
Shafi 89