Maza Uku da Mace Daya
ثلاثة رجال وامرأة
Nau'ikan
وألفى سميرة مسندة ظهرها إلى جذع شجرة، وساعداها مطويان على صدرها، تحت ثدييها الناهدين، وهي شاخصة لا تطرف، فوقف إلى جانبها يتأملها وهي كأنها لا تشعر به، ولا تدرك أنه موجود، فتعجب، وكأن في وقفتها من السحر، وفي خطوط قوامها من الجمال والفتنة ما لم يفطن إليه إلا الساعة، كأنه ما رآها قط من قبل.
وتمثل له، وهو واقف حيالها، شخصان: جده الأعلى الذي كان يسكن الكهوف ويعمل بالفأس، ولا يرتدي إلا جلد الحيوان، وشخص آخر منتزع من ثقافة الزمن وحضارة العصر، عرف فيه نفسه.
وكان الأول يقول له وهو يحرك الفأس: أقدم يا شيخ، ما هذا الجبن؟! ألم أنصح لك من قبل مرات أن تعامل هذه الفتاة بالطريقة التي جربت واختبرت ملايين المرات ونجحت في كل مرة؟ ولكنك لم تسمع ولم تطع، ولهذا فقدتها.
وكان الآخر يقول: مهلا، مهلا؛ قد تكون هذه طريقة صالحة في عصور الاستيحاش والهمجية، ولكنا اليوم في القرن العشرين، والفتاة على كل حال مخطوبة، فكيف تشير عليه بأن ...
فيقاطعه الجد الأعلى ويصيح به: مخطوبة أو غير مخطوبة، هذا لا قيمة له، إني أقدم له نصيحة ثمينة، وأشير عليه بالخطة المثلى.
فيقول الآخر: لا يسعني إلا أن أحتج وأعترض على هذه النصيحة وتلك الخطة، وإن على صاحبنا هذا أن يتقبل حظه بالصبر والرضى.
فيصيح الجد الأعلى: كلام فارغ، إن الذي عليه أن يفعله هو أن يجذب هذه الفتاة إليه ويطوقها - ولو كان لها ألف خطيب وخطيب - ولو كنت في زمني، وفي سني ومبعثي، لما رأيتني أتردد، فاسمع مني يا هذا، وأطعني فلن تندم.
وفي هذه اللحظة تنبهت سميرة إلى وجوده، أو أظهرت أنها تنبهت، وجعلت تتمتم: محمود! محمود!
ولا يدري محمود كيف حصل هذا، ولكنه شعر أن الحديقة رقصت، فأما الأشجار فكانت تطول وتقصر، وأما بساط الروض فكان يدور، ويدور، ولكنه هو كان ثابتا - لا يدور ولا يضطرب - وبين ذراعيه سميرة.
وسمع نفسه يسألها: وحمدي هذا ما الرأي فيه؟ ماذا عسى أن تقولي له؟
Shafi da ba'a sani ba