412

Tayyasar Tafsiri

تيسير التفسير

Nau'ikan

[هود: 27]، ويجوز عود الهاءين الأولين لنحو الأقرع وعيينة، والأخير لنحو عمار وصهيب، أى لا تؤاخذ بكفرهم ولا تعاقب ولا يؤاخذون بشأنك، ولا تزر وازرة وزر أخرى ولا تثاب ثوابها، فضلا عن أن تطرد المؤمنين طمعا فى إيمانهم، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: لا تؤاخذ بحسابهم حتى يهمك إيمانهم، ويدعوك الحرص عليه إلى أن تطرد المؤمنين، وعلى كل حال تكون وما من حسابك زيادة فائدة ومقابلة لما قبله وكأنهما جملة واحدة، فتطرد منصوب فى جواب نفيهما معا، وأما تكون فمنصوب فى جواب لا تطرد، أى لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه فتكون من الظالمين، ومن الداخلة على شىء فى الموضعين صفة للتأكيد وشىء فاعل لعليك ولعليهم، ولاعتمادها على النفى. ومن حسابك حال من شىء، وكذا من حسابهم، ويجوز جعل شىء مبتدأ ومن حساب حال منه على قول سيبويه بجواز الحال منه، وهذا أرجح فى قوله ومن من حسابك، ليسلم من القلة فى تقديم الحال على عاملها المعنوى وهو النائب عن ثبت أو ثابت الرافع المكتفى به عن خبر المبتدأ، أو خبر ما، وقدم عليك وحسابك لأنهما خطاب له صلى الله عليه وسلم، ولذلك قرب من رد العجز على الصدر نحو عادات السادات سادات العادات، وذلك تعظيم له صلى الله عليه وسلم، وإلا فمقتضى الظاهر وما عليهم من حسابك من شىء، وقيل: قدم عليك فى الأولى قصدا إلى إيراد النفى على اختصاص حسابهم به صلى الله عليه وسلم إذ هو الداعى إلى تصديقه صلى الله عليه وسلم لحسابهم.

[6.53]

{ وكذلك فتنا بعضهم ببعض } أى فتنا مثل الأقرع بمثل عمار، والمراد ما تقدم لا مسألة أخرى، كأنه قيل فتنا بعضا ببعض على الوصف المذكور فى الآية ضمنا، وإنما أعاده ليرتب عليه قوله { ليقولوا } تعليل أو عاقبة لفتنا، سواء أبقى على ظاهره وهو ابتلينا، أو أولناه بخذلنا، كما قيل أنه لا يصح تعليلا إلا على تضمين خذلنا، وواو يقولوا لنحو الأقرع، أى ليقول الأكابر الأغنياء، والتشبيه غير مراد على الحقيقة، وإلا لزم تشبيه الشىء بنفسه، ومما يتخرج به عما هو ظاهر اللفظ من تشبيه الشىء بنفسه أن يجعل المشبه به الأمر المقرر فى العقول والشبه ما دل عليه الكلام من الأمر الخارجى، أو أن يقال مثل ذلك الفتن العظيم فتنا بعض الناس ببعض غير من ذكر فى القصة من المؤمنين والكافرين، وذلك فى أمر الدين، وأن يقال: مثل ما فتنا الكفار بحسب غناهم وفقر المؤمنين حتى أهانوهم فتناهم بحسب سبق المؤمنين إلى الإيمان وتخلفهم عنه حتى حسدوهم، ويجوز كون اللام بمعنى الباء ليكون مصدر يقول مع اللام بدل اشتمال من قوله ببعض { أهؤلاء } منصوب المحل على الاشتغال، أى اختار الله هؤلاء، أو فضل هؤلاء، أو مبتدأ خبره ما بعد، والنصب أولى، لأن طلب الهمزة للفعل أولى من عدم الإضمار، والمشار إليه المؤمنون الموالى الضعفاء { من الله عليهم من بيننا } بالإيمان والتوفيق لما يسعدهم دنيا وأخرى، وامتازوا بالخير عنا، ما الذى يدعو إليه محمد خيرا، لو كان خيرا ما سبقونا إليه، أألقى عليه الذكر من بيننا ونحن الأشراف وهم سفلة، أو اعترفوا بفضل المؤمنين الفقراء عليهم بالسبق إلى الإيمان لكن خافوا أن يدخلوا فى الإسلام فينقادوا لهم ويكونوا تبعا لهم، وكأنه قيل: أننقاد إلى ما تكون به تحتهم لسبقهم إليه، ويجوز أن يكون الفتن من الجهة المذكورة والجهة الأخرى جميعا، وهى أن يقول المؤمنون الفقراء: كيف أعطى الله هؤلاء القوم راحة ومسرة ومالا وطيب العيش مع أنهم غير منقادين للإسلام، ونحن منقادون له وقد بقينا فى ضيق المعيشة؟ والاستفهام إنكار للياقة ما ذكر بعده، والله يفعل فى ملكه ما يشاء لا اعتراض عليه، والقوم بطروا واعترضوا، وهؤلاء المؤمنون صبروا وقت البلاء وشكروا وقت النعماء كما قال الله فى حقهم ردا على القوم، ومبينا لسبب تقديمهم وتفضيلهم { أليس الله بأعلم بالشاكرين } بمن شكر واستمر على الشكر فيثيبه عليه، وبمن كفر واستمر فيعاقبه، أو بمن يشكر لقضائه فيوفقه للشكر، وبمن قضى عليه بالكفر فيخذله.

[6.54]

{ وإذا جاءك } واقفا أو ماشيا أو قاعدا أو راكبا أو مضطجعا { الذين يؤمنون بآياتنا } نازلة أو معجزة، هم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه، الممنون عليهم بالهدى، الشاكرون، ومقتضى الظاهر: وإذا جاءوك، لكن وضع الظاهر ليصفهم بالعلم؛ فإن الإيمان بالآيات علم، فيكون قد وصفهم بالعمل الصالح بالغداة والعشى، فهم جامعون لفضلى العلم والعمل الموجبين للتقريب والعز وترك الطرد والتبشير بالإسلام من الله ونبيه صلى الله عليه وسلم به كما قال { فقل } قبلهم، تطييبا لخاطرهم، وهذا أمر إيجاب عليه، وقيل ندب { سلام عليكم } من الله على لسانى، ومنى، قال عكرمة: منه صلى الله عليه وسلم، وقيل من الله تعالى، وقيل ليس بتحية بل إخبار بأن لهم السلامة. وابن عباس على أنه تحية من الله عز وجل، ولهم التبشير بالرحمة فى الآخرة، كما قال { كتب ربكم } قضى، أو كتب فى اللوح المحفوظ، وقيل: هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم غير داخل فيما حكى بالقول، وقيل: هذا مستأنف فى قوم قالوا: أصبنا ذنوبا عظاما، فنزل فيهم، وقيل: لم تنزل فى قوم مخصوصين بل عامة، وفيه أن المثبت مقدم على النافى، ومن أين لقائله الجزم بالنفى مع أن النزول فى مخصوصين لا ينافى العموم، { على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم } يا أيها المذكورون بالعبادة والعلم، أو يا أيها الناس مطلقا الداخل فيهم هؤلاء أو لا وبالذات { سوءا } ذنبا { بجهالة } ثابتا مع جهالة حال مؤكدة فإن الذنب أبدا جهالة، أى سفه، قال الحسن: كل من عمل معصية من عالم أو جاهل فهو جاهل، أى سفيه، أو المراد عدم العلم بحرمة عمله، إلا أن العالم بالحرمة كذلك يغفر له إذا تاب، ولكن خص الجهالة تلويحا إلى أنه يبعد عن المؤمن أن يعصى مع علمه بالحرمة، وأنه لا يعمل ذنبا إلا وهو غير عالم بأنه ذنب، كما أن عمر رضى الله عنه قال: يا رسول الله أقم هؤلاء المؤمنين الضعفاء عنك إذا جاء هؤلاء المدعون للشرف فتنظر ما يصير إليه أمرهم، قاله ولم يعلم بأن ذلك سفه، وبكى واعتذر، وقال: ما أردت إلا خيرا، وإما أن يقال: الجهالة شامل لفعل السوء مع العلم بأنه ذنب لشبه العالم حينئذ بالجاهل إذا فعل ما يهلكه ويفيته الخير الدائم، واختار اللذة العاجلة القليلة المتكدرة على الدائمة الكثيرة التى لا تتكدر، ففيه الجمع بين الحقيقة والمجاز، فإما أن يجوز وإما أن يحمل على عموم المجاز، وهو أولى لأنه أوسع، وإما أن تحمل الجهالة على عدم العلم فقط، أو على عدم العلم بما يفوته من الثواب وما يستحقه من العقاب، ففيه تقصير عن بعض ما تشمله الآية { ثم تاب من بعده وأصلح } بعد عمل السوء من عمله { فأنه } أى الله، بفتح الهمزة كما نص عليه أبو عمرو الدانى، ونصت المشارقة أن أبا عمرو الدانى هو أعلم الناس بقراءة نافع، وشهر الكسر عن نافع { غفور رحيم } والمصدر من غفور رحيم بواسطة أن بدل من الرحمة بدل مطابق، كأنه قيل: كتب على نفسه الغفران والرحمة لمن عمل سوءا وتاب وأصلح، وإن قلت: أجمع الناس على أن الأنعام نزلت دفعة واحدة فكيف يقال سبب نزول كذا وسبب نزول كذا هو كذا من آياتها بل هن على العموم من فعل كذا فله كذا؟ قلت: نزلت على طبق ما سيقع فكانت مصداقا له.

[6.55]

{ وكذلك نفصل الآيات } فى التوحيد ودلائل النبوة تأكيدا لهم فيما علموا، أو تعليما لهم فيما لم يعلموا، ومثل ذلك التفصيل السابق للآيات الماضية نفصل سائر الآيات الباقيات، أو على كيفية التفصيل المعهود نفصل مطلق الآيات الماضية والآتية، مثل أن تفعل شيئا ثم تذكر أنك فعلته على الوصف المشاهد وأن شأنى كذلك فى أفعالى، أو المراد ما مضى كذلك. { ولتستبين } هذا من الاستفعال للتعدية، كخرج لازما، وإذا قيل استخرج تعدى، وذلك أن بان لازم تعدى إذا كان بهذه الصيغة، والمعنى: لستوضح يا محمد أو تميز أو تظهر، وهو متعلق بمحذوف، أى وفصلنا ذلك التفصيل، لتستبين، أو معطوفا على محذوف، أو نفصل أو فصلنا الآيات ليظهر الحق ولتستبين { سبيل المجرمين } وسبيل المحقين، أو لتستبين سبيل المجرمين من سبيل المحقين، واقتصر اللفظ على سبيل المجرمين لأن ذكر أحد المتقابلين يدل على الآخر، ولا سيما فى باب التمايز، وكان المذكور سبيل المجرمين لأن المقام للنهى عنها والتخلى وهو قبل التحلى، ولكثرة المجرمين، ولظنهم أنهم على الحق فكان بيانه أهم، أى لتستبين يا محمد سبيل المجرمين فتتجنبها وتعامل أهلها بما يليق بهم وأهل الحق بما يليق بهم.

[6.56-57]

{ قل } لهم يا محمد قطعا لأطماعهم فى أن تتبعهم فى المسح على آلهتهم إذا قالوا امسح عليها نؤمن بإلهك { إنى نهيت } بالآيات النقلية والعقلية فى شأن التوحيد كقوله تعالى { قل إنى نهيت } إلى قوله

لما جاءنى البينات من ربى

Shafi da ba'a sani ba