362

Tayyasar Tafsiri

تيسير التفسير

Nau'ikan

" الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "

، والتقوى تتبين في الأمر الصعب، وفى الأمر السهل فاختبر الله فى السهل المسلمين بتحريم الصيد وهم محرمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة وقت الحديبية، وكثر عليهم حتى كان يقع فى رحالهم ويتمكنون في أخذه باليد والضرب بالسيف والطعن بالرمح كما اختبر بنى إسرائيل بتحريم صيد البحر في السبت وأرسله عليهم حتى كان يغطى وجه الماء كما قال:

{ يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم } فالآية نزلت قبل الحديبية وجعلت في هذا المحل، والسورة مدنية، إلا

اليوم أكملت لكم دينكم

[المائدة: 3] إلخ، فمكى، وقيل: نزلت في حجة الوداع بين مكة والمدينة، أى والله لا يعاملنكم معاملة المختبر بتحريم شئ ثابت من الصيد البرى، أى هو الصيد البرى أو بعض مطلق الصيد، والبعض هو البرى والصيد بمعنى الوحش، والمراد المأكول وغير المأكول لا بمعنى الاصطياد، لأن الوصف بأنه تناله الأيدى والرماح لا يناسبه متبادر أو لو احتمله، بمعنى تحصل الأيدى والرماح اصطياده، وعن ابن عباس: الذى تناله الأيدى فراخ الطير وصغار الوحش والبيض والضعيف بمرض أو غيره، والذى تناله الرماح الكبار الصحاح، وقيل: الذى تناله الأيدى والرماح صيد الحرم لأنه يأنس بالناس ولا ينفر كما ينفر بالحل، وقيل: ما قرب وما بعد، وذكر بعض أنه خص الأيدى بالذكر لأنها أعظم تصرفا في الاصطياد، وفيها تدخل الجوارح والحبالات وما عمل بالأيدي من فخاخ وشباك، وخص الرماح بالذكر لأنها أعظم ما يجرح به الصيد، ويدخل فيها السهم ونحوه { ليعلم الله من يخافه بالغيب } أى ليعلم أولياء الله أو جند الله، فالتجاوز بالحذف أو العلم مجاز في معنى التمييز، لأن العلم بالشئ يستلزم تمييز ذلك الشئ، وتمييزه بكسر الياء مستلزم لظهروه ولتميزه بضم الياء أو علمه سبب لإظهاره وإظهاره سبب لظهوره فذلك مجاز لغوى بمرتبتين، أو المعنى ليعاملكم معاملة من يمتحن الشئ ليعلمه، أو المعنى: ليتعلق علمه الأزلى بمن يخاف، فالحدوث في التعلق لا في العلم، فالمتجدد المعلومات وحدوثها لا العلم، فالعلم مجاز عن تعلقه بالمعلوم على طريق الملزوم، أو السبب وإرادة اللازم أو المسبب، أى ليتعلق علمه الأزلى بوجود الخائف من عقابه تعلقه به قبل وجوده بأنه سيوجد، وعلمه أزلى ذاتى لا يتجدد؛ لأن صفته هو، والغيب غيب عقابه أو عدم مشاهدته الله فمن خاف مع الغيب فهو قوى الإيمان، مع أن الصيد ليس بأمر عظيم على النفوس كما يعظم عليها القتل وبذل المال بل هو أمر حقير قليل كما أشار إليه بقوله بشئ، فمن لم يثبت عند الأمر الحقير فكيف يثبت عند العظيم، وذلك لضعف إيمانه فيرتكب المحذور فيعاقب.

{ فمن اعتدى بعد ذلك } أى بعد بيان أن ما وقع من كثرة الوحش بحضرتهم ابتلاء، وقيل بعد التحريم والنهى، ورد بأن التحريم والنهى ليسا أمرا حادثا ترتب عليه الشرطية بالفاء، وقيل بعد الابتلاء، ورد بأن الابتلاء نفسه لا يصلح مدار العذاب، { فله عذاب أليم } في الآخرة بالنار وفي الدنيا بالتعزير، فإنه يضرب ظهره وبطنه ضربا وجيعا ليرتدع هو وغيره، كما روى عن ابن عباس، وروى قومنا عنه أنه ينزع ثيابه، والصيد عندنا وعند أبى حنيفة الممتنع المتوحش ولو حرم أكله أو كره كالأسد والذئب، فمن صاده ضمن قيمته، وقال زفر: شاة، والتفضيل في الفروع، وقال الشافعي: الصيد اسم لما يؤكل فلا جزاء عنده على محرم الأكل ويدل لنا قول على:

صيد الملوك أرانب وثعالب

وإذا ركبت فصيدى الأبطال

والثعالب من السباع، وقيل: لا، ويجوز رجوع الإشارة إلى النهى عن تحريم الصيد، أو إلى تحريمه، وجازا للابتداء لترتب عذاب المتعدى عليهم، إذا لو لم يكن نهى وتحريم لم يتصور الاعتداء فضلا عما يترتب عليه من العذاب الأليم، ولو لم يكن الابتلاء لم يكن الاعتداء، ولما كان الابتلاء وهو التكليف ترتب الاعتداء فالعذاب.

[5.95]

Shafi da ba'a sani ba