[2.50]
{ وإذ فرقنا بكم } لأجلكم يا بنى إسرائيل، أو بسببكم ، أو شبه سلوكهن بالآلة فى كونه واسطة فى حصول الفرق، فكانت الباء، نفى ذلك استعارة تبعية، والفرق مقدم على السلوك فيه، لقوله تعالى
فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم
[الشعراء: 63] وما قيل من أنه فرق شيئا فشيئا بسلوكهم لا يصح { البحر } لتسلكوه وتنجوا من عدوكم، بحر القلزم فرقا مستديرا راجعا إلى جهة المدخل، وكان عرضه فى ذلك المحل أربعة فراسخ، فيستبعد السلوك فيه على ذلك الطول بلا تقويس، فيحتاجون إلى رجوع فى سفن مع كثرتهم، وقيل النيل فرقا على سمت، ويسهل رجوعهم فى سفن، أو على استدارة وتقويس إلى جهة المدخل، وهو أولى ويهلك عدوكم { فأنجينكم } من عدوكم ومن الغرق { وأغرقنا ءال فرعون } المراد فرعون وآله، أى هذا الجنس الشامل لفرعون وآله، لقوله تعالى
ولقد كرمنا بني آدم
[الإسراء: 70] أى جنس البشر الشامل لآدم وذريته، أو آل فرعون هو فرعون، وأما قومه فأتباع له وذكر بالغرق فى آى أخر، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم
" مزامير آل داود "
أى مزامير داود، وكان الحسن البصرى يقول: اللهم صل على آل محمد بدل اللهم صلى على محمد، وذلك أن ما للإنسان يكون لأهله، تحقيقا أو فخرا، وأيضا إذا أغرق أهله فهو أولى، لأنه رأسهم، وبه ضلوا، وناسب نجاة موسى من الغرق ونجانه منه حين ألفى فيه طفلا، وللأمة نصيب مما لبنيها، وفرعون غرق بالماء إذ فاخر به فى قوله
وهذه الأنهار تجري من تحتي
[الزخرف: 51] ولقومه نصيب مما قاله، وكما عجل الموت بأنهار الدم عجل موته بالغرق، والموت به شديد. ولذلك كان الغريق شهيدا { وأنتم تنظرون } بعد خروج أولهم، وبنو إسرائيل يومئذ ستمائة وعشرون ألفا ليس فيهم ابن عشرين لصغره، ولا ابن ستين لكبره، وأنهم بقوا فى مصر، وكانوا يوم دخلوا مصر مع يعقوب عليه السلام اثنين وسبعين إنسانا، ما بين رجل وامرأة، وبين يعقوب وموسى عليهما السلام ألف سنة، وقيل أربعمائة، بارك الله فى ذلك النس وهم عدا من مات، ومن ذبح وآل فرعون أل ألف وسبعمائة ألف، وفيهم من دهم الخيل سبعون ألفا، وإسناد النظر إذا كان بمعنى بالعين إنما هو للمجموع، لأنه إنما يرى الغرق، أو أجبر بنى إسرائيل الذين يقربون من البحر، وإن فسرناه بالعلم، فهو لكل واحد، وفى المشاهدة نعمة زائدة، وإن فسرنا النظر ينظر بعض إلى بعض من أكلوا حين استوحشوا، فأشار بالعصا فكانت أكلوا، فالأمر ظاهر كلن على هذا تتعلق الجملة بأنجيناكم أو بفرقنا لا بأغرقنا.
Shafi da ba'a sani ba