ينْزل للمداهنة، وإنما أنزل بالحق وللحق، والمداهنة إنما تكون في باطل قوي لا تمكن إزالته، أو في حق ضعيف لا تمكن إقامته، فيحتاج المداهن إلى أن يترك بعض الحق، ويلتزم بعض الباطل. فأما الحق الذي قام به كل حق فكيف يداهن فيه؟!
وقوله: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ ١، تقدم الكلام عليها أول الباب، والله أعلم.
١ سورة الواقعة آية: ٨٢.
باب قول الله تعالى: ﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله﴾
...
[٢٥- بابقول الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ ١]
[أقسام المحبة وأنواعها] .
ش: لما كانت محبة الله سبحانه هي أصل دين الإسلام، الذي يدور عليه قطب رحاها، فبكمالها يكمل الإيمان، وبنقصانها ينقص توحيد الإنسان، نبه المصنف ﵀ على وجوبها على الأعيان، ولهذا جاء في الحديث: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ... ". الحديث رواه الترمذي والحاكم. وفي حديث آخر: "أحبوا الله بكل قلوبكم". وفي حديث معاذ بن جبل في حديث المنام: "وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك". رواه أحمد والترمذي وصححه.
وما أحسن ما قال ابن القيم في وصفها: هي المنْزلة التي يتنافس فيها المتنافسون، وإلى عملها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، فهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون، وهي الحياة التي من حرمها، فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده، ففي بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه، حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها، فعيشه كله هموم وآلام، وهي روح الإيمان والأعمال، والمقامات والأحوال التي متى خلت منها، فهي كالجسد الذي لا روح فيه، تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم
١ سورة البقرة آية: ١٦٥.