(النوع الثاني): توحيد الأسماء والصفات:
وهو الإقرار بأن ﴿الله بكل شيء عليم﴾، و﴿على كل شيء قدير﴾، وأنه ﴿الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم﴾، له المشيئة النافذة، والحكمة البالغة، وأنه ﴿سميع بصير﴾، ﴿رؤوف رحيم﴾، ﴿على العرش استوى﴾، وعلى الملك احتوى، وأنه ﴿الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، [الحشر، من الآية: ٢٣] . إلى غير ذلك من الأسماء الحسنى، والصفات العلى.
وهذا أيضًا لا يكفي في حصول الإسلام، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه، من توحيد الربوبية والإلهية. والكفار يقرون بجنس هذا النوع، وإن كان بعضهم قد ينكر بعض ذلك، إما جهلًا، وإما عنادًا، كما قالوا: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، فأنزل الله فيهم: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ ١.
قال الحافظ ابن كثير: والظاهر أن إنكارهم هذا، إنما هو جحود وعناد وتعنت في كفرهم، فإنه قد وجد في بعض أشعار الجاهلية تسمية الله بالرحمن.
قال الشاعر:
وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق
وقال الآخر:
ألا قضب الرحمن ربي يمينها
وهما جاهليان.
وقال زهير:
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ليخفى
ومهما يكتم الله يعلم
قلت: ولم يعرف عنهم إنكار شيء من هذا التوحيد إلا في اسم الرحمن خاصة، ولو كانوا ينكرونه لردّوا على النبي ﷺ ذلك، كما ردّوا عليه توحيد الإلهية. فقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾ ٢، لاسيما السور المكية مملوءة بهذا التوحيد.
[(النوع الثالث): توحيد الإلهية:]
المبني على إخلاص التأله لله تعالى، من المحبة والخوف، والرجاء والتوكل، والرغبة والرهبة، والدعاء لله وحده. وينبني على ذلك إخلاص العبادات كلها ظاهرها
_________
١ سورة الرعد آية: ٣٠.
٢ سورة ص آية: ٥.
1 / 19