قال ابن جني: وأما الجملة فهي كل كلام مفيد مستقل بنفسه، وهي على ضربين: جملة مركبة من مبتدأ وخبر، وجملة مركبة من فعل وفاعل، ولابد لكل واحدة من هاتين الجملتين إذا وقعت خبرًا عن المبتدأ من ضمير يعود إليه منها، تقول: زيد قام أخوه، فزيد مرفوع بالابتداء، والجملة بعده خبر عنه، وهي مركبة من فعل وفاعل.
ــ
قال ابن الخباز: القسم الثاني من خبر المبتدأ: الجملة، والكلام والجملة بمعنى واحد، قال الرماني في حده: هو ما دل بالتأليف من الحروف على معنى يحسن السكوت عليه، وسمى كلامًا، لأنه يؤثر في نفس السامع، واشتقاه من الكلم، وهو الجرح، لأن له تأثيرًا في الجسم. قال الشاعر:
٢٢ - حتى اتقوني فهم منى على حذر ... والقول ينفذ ما لا ينفذ الإبر
وسمي جملة، لضم بعضه إلى بعض والتئامه وفي التنزيل: ﴿لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة﴾.
وائتلافه من اسمين، كقولك: زيد ذاهب، أو من فعل واسم، كقولك: ذهب زيد ولابد في الجملتين من إفادة معنى يمكن جهله.
وجملة الأمر: أن المعنى لا يخلو من أن يكون واجبًا أو ممكنًا أو ممتنعًا، فالواجب: هو الذي لابد من وجوده كقولك: الثلج بارد، والممتنع: الذي يستحيل وجوده، كقولك الحجر إنسان، والممكن: الذي يجوز وجوده، وعدمه، كقولك: زيد ذاهب. فالواجب لا يخبر به لأنه معلوم، والممتنع لا يخبر به لأنه كذب، والثالث: يخبر به، فإن عرض فيه كذب أو صدق فذلك بالنسبة إلى القائل أو إلى شيء من علق المعنى.