Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Nau'ikan
[القمر: 54-55]، { وعد الله حقا } [النساء: 122]، وعده ما قال هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، { ومن أصدق من الله قيلا } [النساء: 122]؛ أي: لمن قوله بصدق قوله ويؤمن بوعده، { ليس بأمنيكم } [النساء: 123]؛ يعني: بأماني عوام الخلق والذين يذنبون ويطمعون أن يغفر الله لهم، والله تعالى يقول: وإني لغافر لمن تاب وآمن وعمل صالحا، { ولا أماني أهل الكتاب } [النساء: 123]؛ يعني: علما السوء الذين يغرون بالرخاء المذموم، ويقطعون عليهم طريق الطلب والجد والاجتهاد، { من يعمل سوءا يجز به } [النساء: 123] في الحال بإظهار الذين على مرآة قلبه بقدر الذنب، كما قال صلى الله عليه وسلم
" إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب صقل "
، { ولا يجد له من دون الله } [النساء: 123]؛ يعني: ولا يجد له إلا الله، { وليا } [النساء: 123]، يخرجه من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة بالتوبة، { ولا نصيرا } [النساء: 123] سوى الله بالظفر على النفس الأمارة بالسوء، فيزكيها عن صفاتها وعلى الشيطان فيدفع سره وكيده، { ومن يعمل من الصلحت } [النساء: 124]أي: الخالصات، { من ذكر أو أنثى } [النساء: 124]، يشير بالذكر إلى القلب، وبالأنثى إلى النفس، { وهو مؤمن } [النساء: 124] مخلص في ذلك الأعمال، { فأولئك يدخلون الجنة } [النساء: 124]؛ المعنى أن القلب إذا عمل مما وجب عليه من التوجه إلى العالم العلوي، والإعراض عن العالم السفلي، وغض البصر عن سوى الحق يستوجب دخول الجنة، والقربة والوصلة والنفس إذا عملت مما وجب عليها من الانتهاء عن هواها وترك حظوظها، وأداء حقوق الله في العبودية واطمأنت بها تستحق الرجوع إلى ربها والدخول في جنة عالم الأرواح، كما قال تعالى:
يأيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك
[الفجر: 27-28]، { ولا يظلمون نقيرا } [النساء: 124] فيما قدر الله لهم من الأعمال الصالحات، ولا من الدرجات والقربات، فليس من تمنى نعمة من غير أن يتبعني في خدمة من يتمنى نعمته وإن بينهما بونا بعيدا من أعلى مراتب القرب إلى أسفل سافلين البعد.
[4.125-127]
ثم أخبر عن أحسن الدين لأهل اليقين بقوله تعالى: { ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن } [النساء: 125]، والإشارة فيهما: إن لا أحد أحسن دينا ممن { أسلم وجهه لله }؛ أي: أسلم ذاته وحقيقته بالكلية، يدل عليه قوله تعالى:
كل شيء هالك إلا وجهه
[القصص: 88]؛ أي: ذاته وحقيقته، وهو؛ أي: من أسلم محسن محمد صلى الله عليه وسلم وإنما سما محسن لمعنيين:
أحدهما: إنه صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا من بين سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالرؤية والمشاهدة، وإنه فسر الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه، فسماه الله تعالى محسنا؛ لاختصاصه بالرؤية والمشاهدة، والثاني: لأنه صلى الله عليه وسلم أحسن الدين فأجملنه بخلقه العظيم إلى أن بلغ الدين بعده حد الكمال، فكان صلى الله عليه وسلم أحسن الدين من سائر الأنبياء عليهم السلام فسماه محسنا؛ فمعنى الآية على التحقيق أن لا أحسن دينا من محمد صلى الله عليه وسلم وقد استتم ذاته وحقيقته بالكلية حتى اسلم سره وروحه وقلبه ونفسه وشيطانه، كما قال صلى الله عليه وسلم:
Shafi da ba'a sani ba