454

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Nau'ikan

وفي قوله تعالى: { ويقولون طاعة } [النساء: 81]، إشارة إلى أحوال كثير مريدي هذا الزمان، إذا كانوا حاضرين في الصحبة ينعكس عليهم تلالا من أشعة أنوار الولاية في مرآت قلوبهم، فيزدادون إيمانا مع إيمانهم، وإرادة مع إرادتهم، فيصغون بآذانهم الواعية إلى الحكم والمواعظ الحسنة،

ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق

[المائدة: 83]، ويقولون السمع والطاعة فيما يسمعون ويخاطبون به، { فإذا برزوا من عندك } [النساء: 81]، وهبت عليهم رياح الهوى والشهوة والحرص، وتمايلت قلوبهم من مجازاة القرار على الولاية، وعاد المشئوم إلى طبعه { بيت طآئفة منهم } [النساء: 81]؛ أي: تقدر وتقرر مع نفسه، { غير الذي تقول والله يكتب } [النساء: 81]، يغير عليهم { ما يبيتون } [النساء: 81]؛ أي يعيرون على أنفسهم؛ لأن

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

[الرعد: 11]، { فأعرض عنهم } [النساء: 81]؛ أي: فأصفح عنهم وأصبر معهم، { وتوكل على الله } [النساء: 81]، لعل الله يصلح بالهم ولا يجعل التغيير وبالهم، ويحسن عاقبتهم ومالهم، { وكفى بالله وكيلا } [النساء: 81]، للمتوكلين عليه والملتجئين إليه.

ثم أخبر عن الدواء كما أخبر عن الداء بقوله تعالى: { أفلا يتدبرون القرآن } [النساء: 82]، والإشارة فيها: إن العباد لو لم يتدبرون ويتفكرون في آثار معجزاته وأنوار هدايته، ومظهر آياته وكمال فصاحته، وجمال بلاغته وجزالة ألفاظه، ورزانة معانيه ومتانة مباينه في أسراره وحقائقه، ودقة إشاراته ولطائفه، وأنواع معالجاته لأمراض القلوب في إزالة ضرر الذنوب { لوجدوا فيه } [النساء: 82]؛ لكل داء دواء ولكل مرض شفاء، ولكل عين قرة ولكل وجه غرة، والرد الحاسبة موصوفا بالصفاء محفوظا عن العداء، بحرا لا ينفض عجائبه، وبرا لا ينتفي غرائبه، روحا لا تباغض فيه ولا خلاف، وجنة لا انتقاض فيها ولا اختلاف، { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } [النساء: 82]، ولم يوجد فيه نقيرا وقمطيرا.

[4.83-84]

وفي قوله تعالى: { وإذا جآءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به } [النساء: 83]، إشارة إلى أرباب السلوك وأبناء السير إلى الله إذا فتح لهم من الإنس أو الهيبة والحضور والغيبة من آثار صفات الجمال والجلال، تغشوا الأسرار إلى الأغيار، وأشاعوا في الأقطار، { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم } [النساء: 83]؛ يعني: ولو كان رجوعهم في حل مثل هذه المشكلات وكشف هذه المعضلات إلى سنن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى سير أولي الأمر منهم وهم المشايخ البالغون والواصلون، ومن كان له شيخ كامل فهو ولي أمره، { لعلمه الذين يستنبطونه منهم } [النساء: 83]، وهم أرباب الكشوف بحقائق الأشياء، فهم العالمون بعلوم الوقائع الغيبية الغواصون في بحار أوصاف البشرية، المستخرجون من أوصاف العلوم درر ورق دقائق المعرفة، { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } [النساء: 83] ببعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، { لاتبعتم الشيطان إلا قليلا } [النساء: 83]، وفي الحقيقة كان النبي صلى الله عليه وسلم فضل الله ورحمته، يدل عليه قوله تعالى:

هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم

[الجمعة: 2]، إلى قوله:

Shafi da ba'a sani ba