348

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Nau'ikan

" أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني "

، قال لي: { أنى لك هذا قالت هو من عند الله } [آل عمران: 37]، فإن من يبيت عند الله يكون رزقه من عند الله؛ يعني: مما عند الله من فيض ألطافه، وحسن إعطائه { إن الله يرزق من يشآء } [آل عمران: 37]، مريم { بغير حساب } [آل عمران: 37]، بما لم يكن في حسابها من ولد عيسى عليه السلام بلا أب، وفاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء بلا شجرة، والعلوم اللدنية بلا واسطة، والمعجزات بلا نبوة، نظيره قوله تعالى:

ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب

[الطلاق: 2-3].

[3.38-39]

ثم أخبر عن آياته بعد أخرى من آياته الكبرى بقوله تعالى: { هنالك دعا زكريا ربه } [آل عمران: 38]، الإشارة في الآيتين: إن الله تعالى جعل بعض الأشياء سبب البعض، فكما أنه جعل إطعام الطائر فرخة، سبب تحريك قلب زكريا لطلب الولد، هنالك دعا زكريا ربه { قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعآء } [آل عمران: 38]، والإشارة في قوله: { من لدنك } [آل عمران: 38]، إلى أن الأرواح التي هي جنود مجندة بعضها في الصف الأول؛ وهي أرواح الأنبياء - عليهم السلام - وخواص الأولياء ليس بينها وبين الله حجاب، وبعضها في الصف الثاني؛ وهي أرواح الأولياء وخواص المؤمنين، وبينها وبين الله حجاب الصف الأول، وبعضها في الصف الثالث؛ وهي أرواح المؤمنين وخواص المسلمين، وبينها وبين الله حجاب الصف الأول والصف الثاني، وبعضها في الصف الرابع؛ وهي أرواح المنافقين من مدعي الإسلام والكفار والمشركين، فقوله: { رب هب لي من لدنك } [آل عمران: 38]؛ أي: من الصف الأول الذي لا واسطة بينه وبينك، { ذرية طيبة } [آل عمران: 38]؛ أي: ولدا يكون روحه من أهل الصف الأول مطهرا من آل يعقوب عليه السلام؛ يعني: النبوة كم وهبت لحنة مريم ولمريم رزق الجنة { إنك سميع الدعآء } [آل عمران: 38]؛ أي: مجيب الدعاء، كما أجبت دعاء حنة.

{ فنادته الملائكة وهو قائم يصلي } [آل عمران: 39]، سائرة سره في الملكوت، فسمع نداء الملائكة وهو محارب نفسه وهواه { في المحراب أن الله يبشرك بيحيى } [آل عمران: 39]؛ أي: بغلام اسمه يحيى، وإنما سمي يحيى؛ لأنه منذ خلق ما ابتلي بالمعصية؛ لئلا يموت القلب بالمعاصي كما مر ذكره، الحديث أنه ما هم بمعصية قط ولا بموت الصورة؛ لأنه استشهد والشهداء لا يموتون

بل أحياء عند ربهم يرزقون

[آل عمران: 169]، فهو حي يحيى في حال الدنيوي والاستقبال الأخروي { مصدقا بكلمة من الله } [آل عمران: 39]؛ وهي قوله:

ييحيى خذ الكتاب بقوة

Shafi da ba'a sani ba