Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Nau'ikan
ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين
[الزخرف: 36]، فإن طلق قرين الشيطان، ورجع بالإنابة إلى باب الرحمن يخرجه بفضله وكرمه من الخذلان، ويتداركه بالغفران والرضوان، ويهديه إلى درجات الجنان، ويجعله من أهل القربات والعرفان كما قال تعالى:
هل جزآء الإحسان إلا الإحسان
[الرحمن: 60].
ثم أخبر عن إمساك المطلقين قبل انقضاء العدة بمعروف، أو تسريح بإحسان بقوله تعالى: { وإذا طلقتم النسآء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف } [البقرة: 231]، والإشارة فيها أن الأذية في المصادرة ليست من الإسلام، ولا من آثار الإيمان، ولا من شعار المسلمين عموما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" المؤمن من آمن الناس، والمسلمون من سلم المسلمون من لسانه ويده "
، ويتضمن حسن المعاشرة مع الخلق جميعا.
فأما معاشرة الزوجين ففيها خصوصية بالأمر بحسن المعاشرة معهن، وترك أذيتهن والمغالظة معهن على وجه الجناح، فإما تخلية السبيل من غير جفاء، أو قيام بحق الصحبة على شرائط الوفاء فلا اعتداء { ومن يفعل ذلك } [البقرة: 231]، أي: من الأذية والمضارة والاعتداء بالجفاء { فقد ظلم نفسه } [البقرة: 231]، وهو يحسب أنه ظلم غيره؛ لأن الله تعالى يجازي الظالم والمظلوم يوم القيامة بأن يكافئ المظلوم من حسنات الظالم، ويجازي الظالم من سيئات المظلوم، وفيه معنى آخر، وهو أن الظالم إذا أساء إلى غيره؛ فصارت نفسه ميتة، وإذا أحسن صارت نفسه محسنة، فترجع إساءة الظالم إلى نفسه لا إلى نفس غيره حقيقة، فإنه ظالم نفسه لا غيره؛ ولهذا قال الله تعالى:
إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها
[الإسراء: 7]، { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } [البقرة: 231]، أي: تلاوة ظاهرة من غير تدبر معانيها، وتفهم إشاراتها، وتحقيق أسرارها، وتتبع حقائقها، والتنور بأنوارها، والاتعاظ بمواعظها، وحكمها يدل على هذا سياق الآية { واذكروا نعمت الله عليكم ومآ أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به } [البقرة: 231]، يعني ما سبق ذكره من دلالات القرآن { واتقوا الله } [البقرة: 231]، في تضييع هذه المعاني، والتغافل عنها { واعلموا أن الله بكل شيء عليم } [البقرة: 231]، تعلمون من هذه الحكمة، وتتركونه بما تفهمون منه وتعلمون { عليم } [البقرة: 231]، بجميعه، وهو أنعم به عليكم، وعلمكم كما قال تعالى:
Shafi da ba'a sani ba