210

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Nau'ikan

وجزآء سيئة سيئة مثلها

[الشورى: 40]، { ولا يزكيهم } [البقرة: 174] لأن تزكية النفس للإنسان مقدرة من الإيمان، والأعمال الصالحة تصدق النية من تهذيب الأخلاق بآداب الشرع، فإن من لم يزكها في الدنيا، فقد خاب وخسر وحرم في الآخرة من تزكيتها بقوله تعالى:

قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها

[الشمس: 9-10]، { ولهم عذاب أليم } [البقرة: 174]، من كتمان الحق وحرمان مكالمة الله وتزكية لهم، ومن النار التي أكلوها في بطونهم وأشعلوها في بطونهم، ومن تصليتهم السعير.

ثم أخبر عن خسران تجارتهم بقوله تعالى: { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } [البقرة: 175]، إلى قوله تعالى: { شقاق بعيد } [البقرة: 176] اشار فيها أنه أولئك المداهنون من العلماء هم الذين اشتروا الضلالة بحب الدنيا يهدى إظهار الحق وأثروا الخلق على الحق، والمداهنة على أفضل الجهاد، كقوله صلى الله عليه وسلم:

" إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر "

{ والعذاب بالمغفرة } [البقرة: 175] أي: عذاب نار القطيعة والفرقة بمغفرة القربة والوصلة { فمآ أصبرهم على النار } [البقرة: 175]، الهجران في دركات الخذلان والخسران { ذلك } [البقرة: 176]، المداهنة منهم { بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا } أي: داهنوا { في الكتاب } [البقرة: 176] أي: في أحكام الكتاب { لفي شقاق بعيد } [البقرة: 176] أي: لفي خلاف باطل بعيد عن الحق، فإن بين الحق والباطل بونا بعيدا، وفيه معنى آخر وإن الذين اختلفوا ودهنوا اليوم هاهنا اختلافهم مقدر في الكتاب الأزلي والقضاء السرمدي، وإنهم لفي شقاق أي: ضلال بعيد من العهد الأول لا قريب من الآن، كما قال صلى الله عليه وسلم :

" إن الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطاه فقد ظل "

، فهذا ضلال بعيد من خطاء الرشاش لا ضلالة قريبة من خطاء الأوباش.

ثم أخبر عن البر في عبودية الحق البر بقوله تعالى: { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } ، والإشارة فيها أن ليس الاعتبار في البر بظواهر الأشياء والمعاملات الفارغة عن الحقيق، ولكن الاعتبار بالبر الحقيقي { من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب } أي: من آمن بهداية الله التي عينها من العناية؛ لقوله تعالى: { يحبهم } فمن كانت هذه الكتابة عائدة عليه لتجلي الحق تعالى لروحه بصفة المحبة في بدء وجوده، فتتنور الروح بنور المحبة فالروح صارت محبا لمحبه، كما عبر عن هذا بقوله: { ويحبونه } فشاهد بذلك النور محبوبه وآمن بنور المحبة بوحدانية ومشاهد الأمور الأخروية وآمن بها، وكذلك { والملائكة والكتاب } وفيه معنى آخر ليس البر بركم بتولية وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر الحقيقي هو بر الذي يبركم معكم بتوليه وجوه أرواحكم بجذبات المحبة قبل الحضرة الربوبية المحبوبية، فتؤمنوا بدلالات نور بري ومبرتي لكم كما ذكرنا في الحديث:

Shafi da ba'a sani ba