Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Nau'ikan
ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون
[المطففين: 14]، من التمتعات البهيمية والحركات السبعية والأخلاق الشيطانية واللذات الجسمانية، فأصمهم الله وأعمى أبصارهم فهم الآن { صم } [البقرة: 171]، عن استماع دعوة الأنبياء ليسمع القلوب { بكم } [البقرة: 171]، عن قول الحق والإقرار بالتوحيد { عمي } [البقرة: 171]، عن رؤية الآيات والمعجزات { فهم لا يعقلون } [البقرة: 171] لأنهم أبطلوا بالرين صفاء عقولهم الروحانية، وحرموا عن فيض الأنوار الربانية وأيضا { لا يعقلون } لأنهم { صم بكم عمي فهم لا يعقلون }.
ثم أخبر أن أكل الطيبات يورث الشكر والعبادات بقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } [البقرة: 172]، والإشارة فيها أن من فضل الله وكرمه مع المؤمنين أمرهم بأكل الطيبات كما أمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لفائدتين أحدهما: أن يكون أكلهم بالأمر لا بالطبع فيمتازون عن الحيوانات ويخرجون عن حجاب ظلمة الطبع بنور الشرع، والثانية: ليثبتهم بإتمار أمر الأكل كما ثبتهم بإتمار أمر الصلاة والزكاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يضعها في فيه أو في امرأته "
قوله تعالى: { كلوا من طيبات ما رزقناكم } [البقرة: 172]، فالحلال ما لا يتبعه عليه ما لا ترى المخلوق فيه منه، ولهذا قال: { ما رزقناكم } يعني: أنا الرزاق لا غيري { واشكروا لله } [البقرة: 172]، نتيجة أكل الطيبات بالأمر مع العلم بأن الله رزاق واشكروا الله على ما رزقه وفي قوله تعالى: { إن كنتم إياه تعبدون } [البقرة: 172]، إشارتان أحدهما: أن من شرط العبودية شكر المعبود في السراء والضراء والشدة والرخاء، والثاني: أن الشكر نوع من عبادة المعبود وإن أكثرهم شكرا أكثرهم عبادة.
ثم أخبر عما حرم في الظاهر من المأكولات وفي الباطن من المألوفات بقوله تعالى: { إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } [البقرة: 173]، والإشارة فيها إن كان حرم على الظواهر هذه المعدودات حرم على البواطن شهود غير الله من الموجودات، فالميتة هي جيفة الدنيا، كما قال قائلهم:
عليها كلاب همهن اجتذابها
وما هي إلا جيفة مستحيلة
فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها
وإن تجتذبها نازعتك كلابها
Shafi da ba'a sani ba