163

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Nau'ikan

لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

[الحج: 46].

[2.119-124]

ثم تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن كمال عنايته فيه وحال مخالفيه بقوله تعالى: { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا } [البقرة: 119]، والإشارة فيها: { إنا أرسلناك بالحق } شواهد دليله قوله أن الله هو الحق يعني: أرسلناك بنا مبشرا للمؤمنين وهذا الاختصاص خصصتك به من بين سائر الأنبياء؛ لأنهم كانوا مبشرين بالجنة ومنذرين بالنار، وأنت مبشر بالله ومنذر بالله دليل هذا القول قوله تعالى:

إنآ أرسلنك شهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا

[الأحزاب: 45-46]، الحقيقية بشر من أجابك ومن اتبعك بالوصول إلى الله، وأنك سراج تبين طريق الوصول إلى الله، وأنذر من لم يجيبك بالانقطاع عن الله { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } [البقرة: 119]، الذين زلت أقدامهم عن الصراط المستقيم.

ثم أخبر تعالى عن جهالة أهل الضلالة بقوله تعالى: { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } [البقرة: 120]، والإشارة فيها أن الله تعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم غاية جهالتهم وغلوهم في ضلالتهم أنهم يرجون رجوعه إلى ملتهم والصلاة إلى قبلتهم، وأشار إليه أن لا تبالي برضائهم إذا حصل لك رضانا، فأظهر عداوتهم وأعلى التبرؤ عنهم ولا تمهلهم { قل إن } [البقرة: 120]، طريق { الهدى } [البقرة: 120]، الذي هداني { هدى الله } [البقرة: 120]، وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه { ولئن اتبعت أهوآءهم } [البقرة: 120]، حرصا على أن يتبعوك ويقبلوا دينك ويؤمنوا بك

ومآ أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين

[يوسف: 103] { بعد الذي جآءك من العلم } [البقرة: 120]، بأنك لا تهدي من أحببت { ما لك من الله من ولي } [البقرة: 120]، في هدايتهم { ولا نصير } [البقرة: 120]، على استتباعهم فكن بنا لنا متبرئا عما سوانا، وقبلها إشارة أخرى أنه لن ترضى عن روح السالك يهود نفسه ولا نصارى هواه حتى تتبع ملتهم، يوافقهم في طلب الشهوات النفسانية وتتبع لذات الجسمانية، وتخلع عن الصفات الروحانية، قل إن هدى الله الذي دعاني إليه من التخلق بأخلاقه والتنور بأنواره هو الهدى، لا الذي تدعونني إليه من الصفات البهيمية والحيوانية والأخلاق الشيطانية، ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من الإلهامات الربانية وواردات الألطاف الإلهية والمكاشفات الروحانية ما لك من الله من ولي في الخلاص عن الدركات السفلية، ولا نصير على نيل الدرجات العلية، وإياك أن تلحظ هذه الكرامات الواردات من تلك الحضرة بعين التقصير وبميل هواجس النفس إلى طرف تقصير فتعمى حينئذ عمى لا يصلح عنك بعده قادح ولا يفتح بابه عليك فاتح، فإن الأنفاس الرحمانية والنفحات الربانية لا تهب عن كل أرضي وسمائي ولا تمر على كل ماء وهواء إلا من قبل بمن الإيمان ولا تمر إلا على أرواح هي أدعية القرآن لا يدري ما مصحوبها إليك ومنشورها إلا عليك إلا هي حوامل آلاء ونعماء وبر ووفاء وود وصفاء معها تحف الربوبية وطرف الخصوصية ومحو العبودية واستيلاء الألوهية.

ثم أخبر عن أهل الإيمان الحقيقي بقوله تعالى: { الذين آتيناهم الكتب } [البقرة: 121]، والإشارة آتينا هاهنا بمعنى أعطينا أي: الذي أعطيناهم الكتاب دراية وفهما وقبولا { يتلونه حق تلاوته } [البقرة: 121]، يدل على هذا قوله تعالى:

Shafi da ba'a sani ba