Fassarar Zahiriyyat
تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
Nau'ikan
يستطيع العقل أن يبرر كل شيء، يستطيع أن ينسب أي معنى إلى أي نص سواء كان دالا أم غير دال، كما يستطيع نقد كل شيء، وليس عليه أي ضابط لو ترك على سجيته، وما يقلل من حدة العقل هذه هو الحدس؛ إذ يعطي المناسبة لصلة مباشرة مع الواقع الذي يعمل ك «فرملة» لتجوال العقل، وتستطيع القصدية السارية في النص من أوله إلى آخره للتخفيف من آثار العقل باكتشاف المعنى الحال في النص وليس المعنى الذي يسقطه العقل عليه.
يستطيع العقل أن ينقد كل شيء، هو مجرد آلة للتشريح وتقليب المسألة من كل جوانبها، بل يستطيع أن يقول الشيء ونقيضه وإسقاطه على النص الظاهرياتي، يحول هذا النص إلى مادة صماء، تتغير في كل الاتجاهات الممكنة. (3) من المفهوم إلى الشيء، ومن الشيء إلى المفهوم
13
وبمجرد الحصول على الفكرة فإنها تستطيع الإشارة مباشرة إلى الشيء؛ لأن الفكرة والشيء، العقل والواقع واجهتان لشيء واحد ، يتم الفهم إذن قبل أي استعمال للغة؛ فالظاهريات بعد قلب النظرة، معمل متنقل حي وصامت يستمع إلى صوته الداخلي، وينصت إلى شعوره التأملي وهو يحلل مضامين ويدرك دلالات؛ ومن ثم تستبعد لغة الظاهريات مؤقتا للتحقق من مطابقة المفهوم للواقع، وأكبر عمل للظاهريات هو أن يتم بينه وبين نفسه أي بين الفكر والواقع كما يتحقق منه، فإذا استطاع أن يجد التطابق بينهما، أي إنه إذا استطاع أن يدرك دلالات الخبرات الحية وماهيات الأشياء ليرى الحقيقة في الواقع، في هذه الحالة تكتمل الظاهريات وتتحقق غايتها.
فكل محاولة لفهم الظاهريات دون إدراك مسبق للماهيات من ناحية، ودون إحالات إنسانية في الحياة اليومية من ناحية أخرى، يظل النص الظاهرياتي، كما هو الحال الآن، منطويا على ذاته، وسجين مذهب مغلق من مصطلحات تعالمية وأفكار مركبة. (4) من الروح إلى الحرف، ومن الحرف إلى الروح
14
وتخص هذه القاعدة كل تفسير وليس فقط تفسير الظاهريات، وتحتاج الظاهريات خاصة إلى هذه القاعدة بسبب عيوب لغتها كأداة للتعبير، يمكن فهم الظاهريات بالروح لا بالحرف؛ فهي قصد أكثر منها إيماء، هي تأهيل لطريق أكثر منها استنباطا لنتيجة، ونتيجة للتأمل المستمر في النص الظاهرياتي يكفي روحه من أجل توضيح حرفه، يعطي الحرف الروح أدوات تعبيره الأكثر مطابقة، ولكنه لا يعود ضروريا، بعد فهم الروح أن يتم التعبير عنه بنفس الحروف، يستطيع الظاهرياتي استعمال ألفاظه الخاصة للتعبير عن روح الظاهريات،
15
الوحي قصد واحد إلا أن طرق تعبيره ووسائله في المخاطبة تختلف من ثقافة إلى ثقافة، ومن عصر إلى عصر.
هذه القاعدة، من الروح إلى الحرف، ومن الحرف إلى الروح، هي قاعدة انتقالية بين القواعد السابقة الخاصة باللفظ والمعنى والشيء والقواعد التالية الخاصة بالكل والجزء، الحرف هو اللفظ، والروح هي المعنى الذي يحيل إلى الشيء، الحرف هو الجزء، والروح هي الكل؛ فالقواعد تتداخل فيما بينها، وربما ترد جميعا إلى قاعدة واحدة، الإدراك بالحدس الكلي وبالروح السابق على الأجزاء والحروف. (5) من الكل إلى الأجزاء، ومن الأجزاء إلى الكل
Shafi da ba'a sani ba