92

Ta'awilin da'aimai

تأويل الدعائم

وما أشبه ذلك من الشراب والإدام مثل ذلك كله تقدم القول به مثل العلم والحكمة اللذين تغتذى بهما الأرواح كما تغتذى بذلك فى الظاهر الأبدان ويضيء ذلك فى الباطن للبصائر الصحيحة كما يضيء ما يستصبح به من ذلك فى الظاهر لإبصار المبصرين ولا يضيء لإبصار العمى كما لا يضيء نور العلم فى الباطن للذين وصفهم الله تعالى بالعمى وإن كانوا فى الظاهر يبصرون بقوله:@QUR06 «صم بكم عمي فهم لا يرجعون» [1] وقوله:@QUR015 «أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب» [2] والفأر مثله فى الباطن مثل المنافق كما ذكرنا وإنما اشتق اسم المنافق فى اللغة من النفق فى الأرض ودخول الفأر واليربوع الذي هو من جنسه فيه من باب منه وخروجه من باب آخر كذلك يدخل المنافق الإيمان من بابه ويخرج من باب النفاق وما جانس ذلك من الدواب التى تقع فى السمن والزيت واللبن وغيرها من الإدام والشراب فتموت فيه مما يكون لها دم مثلها فى ذلك مثل المنافق أيضا لأنه قد كان معه وفيه إيمان وعلم ومثل موت ذلك فيما مات فيه مما ذكرنا مثل من وصل من العلم والحكمة إلى ما لا يحتمله ولا يقوم به وأعطاه من ذلك من أعطاه فوق قسطه فأسكره ذلك وحيره وأتلفه فهلك من أجل ذلك كما يهلك الغريق فى الماء وفى غيره من مثل ذلك إذا وقع فيه فإن كان مع من وقع فى الباطن فى ذلك علم من انتحال أهل الضلال شابه بالحق وألبسه[3] به كما قال الله تعالى:@QUR07 «يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل» [4] فقد فسد ما صار إليه من الحق ما ألبس بالباطل ولا يجوز له ولا لغيره العمل بشيء منه وذلك مثل ما يموت فى الإدام والشراب مما له دم وإن موته فيه يفسده ومثل الدم فى البدن مثل العلم لأن حياة كل ذى دم به فإذا نزف دمه أو فسد هلك فمات كما يموت فى الباطن من عدم العلم الموت الباطن الذي ذكره تعالى بقوله:@QUR03 «أموات غير أحياء» يعنى الكفار ومثل ما يسقط فى ذلك ولا يموت فيه ويخرج حيا منه وإن ذلك لا يفسده مثل من دخل فى العلم ثم خرج منه ورفضه ولم يغير شيئا منه ولا ألبسه بشيء من الباطن فذلك العلم بحاله

Shafi 138