Ta'awilin da'aimai
تأويل الدعائم
Nau'ikan
ومن ذلك قول الله عز وجل:@QUR03 «ملة أبيكم إبراهيم» . وأصل الملة فى اللغة المدة والزمان اشتق اسمها من الملوين[1] وهما الليل والنهار ومن ذلك قيل أملى لفلان أى أنه ترك زمانا ودهرا وقولهم ملاك الله أى أبقاك الله طويلا، والعرب تقول أقمنا بالمكان مليا وملاوة ملوة ثلاث لغات بمعنى واحد ومن ذلك اشتق اسم الملل أى الأديان لأن أهل كل دين قد بقوا عليه مدة من الدهر فقيل ملة إبراهيم وملة موسى صلى الله عليهما وسلم وملة عيسى وملة محمد صلى الله عليهما وسلم.
وأما ما جاء من أن إبراهيم لما قيل له تطهر أخذ من شاربه ثم قيل له تطهر فقلم أظفاره ثم قيل له تطهر فنتف إبطيه ثم قيل له تطهر فحلق عانته ثم قيل له تطهر فاختتن، ففعله صلى الله عليه وسلم ذلك كله فى الظاهر مثله مثل الكشف عن الباطن لمن يستحقه لأن شعر الشارب إذا خرج عن حده وستر الشفة فمثله مثل غلبة الظاهر على الباطن فلذلك وجب أن يحفى الشارب.
وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: احفوا الشوارب واعفوا اللحى، أى دعوها يكثر شعرها لقول الله تعالى:@QUR02 «حتى عفوا» أى كثروا، وتقليم الأظفار كذلك مثله هو قطع ما خرج منها عن حده وغطى على الباطن ظاهره وكذلك نتف الإبطين وحلق العانة هو إزالة الشعر وهو مثل الظاهر عما تحته من الباطن والختان كذلك كما ذكرنا وإنما كرر ذلك على إبراهيم صلى الله عليه وسلم وفعله فيما فعله لتكثر الشواهد والدلائل من الظاهر على الباطن منه.
ويتلو ذلك قول على صلى الله عليه وسلم يا معشر النساء إذا خفضتن بناتكن فأبقين من ذلك شيئا فإنه أبقى لألوانهن وأحظى لهن عند أزواجهن، تأويله أن المحرم لا ينبغى أن يقطع عن المفاتحة والقول بما سمعه كله فلا يلفظ بشيء منه ولكنه إنما يؤخذ عليه فى كتمانه ما سمعه من الباطن وألا يفاتح به من لم يجمعه وإياه ما هو عليه ولا من جمعه وإياه ذلك على سبيل الإفادة والتعليم حتى يطلق له ذلك ويؤذن له فيه وأما ما سأله مفيده أو من هو فوق مفيده امتحانا له عما وصل إليه هل وعاه وحفظه فله أن يجيبه بما علمه من ذلك وحفظه فيكون ذلك أبقى لعلمه إذا هو سئل فأجاب فيحفظ ذلك وهو مثل قوله أبقى لألوانهن ويكون ذلك أحظى له عند
Shafi 150