Littafin Tauhidi
كتاب التوحيد
أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري (المتوفى: 311هـ) - 311 AH
Bincike
عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
Mai Buga Littafi
مكتبة الرشد-السعودية
Lambar Fassara
الخامسة
Shekarar Bugawa
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
Inda aka buga
الرياض
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: ثَلَاثٌ مَنْ قَالَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ [لقمان: ٣٤]، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكِ﴾ [المائدة: ٦٧] الْآيَةَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]
⦗٥٥٦⦘ وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى: ٥١] فَقَالَ مَسْرُوقٌ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂ أَوْ لَمْ يَقُلْ: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾ [التكوير: ٢٣] فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: أَنَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «رَأَيْتُ جِبْرِيلَ، نَزَلَ فِي الْأُفُقِ، عَلَى خَلْقِهِ وَهَيْئَتِهِ، أَوْ خَلْقِهِ وَصُورَتِهِ سَادًّا مَا بَيْنَ الْأُفُقِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ لَفْظَةٌ، أَحْسِبُ عَائِشَةَ تَكَلَّمَتْ بِهَا فِي وَقْتِ غَضَبٍ، كَانَتْ لَفْظَةٌ أَحْسَنَ مِنْهَا يَكُونُ فِيهَا دَرَكًا لِبُغْيَتِهَا، كَانَ أَجْمَلَ بِهَا، لَيْسَ يَحْسُنُ فِي اللَّفْظِ: أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: أَوْ قَائِلَةٌ، فَقَدْ أَعْظَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفِرْيَةَ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَجَمَاعَاتٌ مِنَ النَّاسِ الْفِرْيَةَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَكَلَّمُ الْمَرْءُ عِنْدَ الْغَضَبِ بِاللَّفْظَةِ الَّتِي يَكُونُ غَيْرُهَا أَحْسَنَ وَأَجْمَلَ مِنْهَا، أَكْثَرُ مَا فِي هَذَا أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ وَأَبَا ذَرٍّ، وَابْنَ عَبَّاسٍ ﵄، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ قَدِ اخْتَلَفُوا: هَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ لَمْ يَرَ النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: قَدْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ، وَقَدْ أَعْلَمْتُ فِي مَوَاضِعَ فِي كُتُبِنَا أَنَّ النَّفْيَ لَا يُوجِبُ عِلْمًا، وَالْإِثْبَاتُ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْعِلْمَ، لَمْ تَحْكِ ⦗٥٥٧⦘ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ خَبَّرَهَا أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ ﷿ وَإِنَّمَا تَلَتْ قَوْلَهُ ﷿: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا﴾ [الشورى: ٥١] وَمَنْ تَدَبَّرَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَوُفِّقَ لِإِدْرَاكِ الصَّوَابِ، عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ الرَّمْيَ بِالْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ، كَيْفَ بِأَنْ يَقُولَ: قَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ؟ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] قَدْ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُثْبِتُ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ ﷺ خَالِقَهُ ﷿، قَدْ يَحْتَمِلُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] عَلَى مَا قَالَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ لِمَوْلَاهُ عِكْرِمَةَ «ذَاكَ نُورُهُ الَّذِي هُوَ نَوَّرَهُ، إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ»، وَالْمَعْنَى الثَّانِي، أَيْ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] أَبْصَارُ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْأَعَمَّ وَالْأَظْهَرَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ أَنَّ الْإِبْصَارَ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى أَبْصَارِ جَمَاعَةٍ، لَا أَحْسِبُ غَرِيبًا يَجِيءُ مِنْ طَرِيقِ ⦗٥٥٨⦘ اللُّغَةِ أَنْ يَقُولَ لِبَصَرِ امْرِئٍ وَاحِدٍ أَبْصَارٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِبَصَرِ امْرِئٍ وَاحِدٍ بَصَرٌ، وَلَا سَمِعْنَا غَرِيبًا يَقُولُ: لِعَيْنِ امْرِئٍ وَاحِدٍ بَصَرَيْنِ، فَكَيْفَ أَبْصَارٌ وَلَوْ قُلْنَا: إِنَّ الْأَبْصَارَ تَرَى رَبَّنَا فِي الدُّنْيَا لَكِنَّا قَدْ قُلْنَا الْبَاطِلَ وَالْبُهْتَانَ فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَأَى رَبَّهُ دُونَ سَائِرِ الْخَلْقِ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ الْأَبْصَارَ قَدْ رَأَتْ رَبَّهَا فِي الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَكُونُ يَا ذَوِي الْحِجَا مَنْ يُثْبِتُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَأَى رَبَّهُ، دُونَ سَائِرِ الْخَلْقِ مُثْبِتًا أَنَّ الْأَبْصَارَ قَدْ رَأَتْ رَبَّهَا، فَتَفَهَّمُوا يَا ذَوِي الْحِجَا هَذِهِ النُّكْتَةَ تَعْلَمُوا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄ وَأَبَا ذَرٍّ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُمْ لَمْ يُعْظِمُوا الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ، وَلَا خَالَفُوا حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا ذِكْرُهَا: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى: ٥١]، فَلَمْ يَقُلْ أَبُو ذَرٍّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ﵄، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ يُثْبِتُ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ ﷺ خَالِقَهُ ﷿ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَرَى رَبَّهُ فِيهِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ خَالَفَتْهُمْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَأَى رَبَّهُ، لَمْ يُخَالِفْ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ ⦗٥٥٩⦘ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى: ٥١] وَإِنَّمَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يَقُولُ: رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ فَكَلَّمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَابْنُ عُمَرَ مَعَ جَلَالَتِهِ وَعِلْمِهِ وَوَرَعِهِ وَفِقْهِهِ وَمَوْضِعِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ يَلْتَمِسُ عِلْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ تُرْجُمَانِ الْقُرْآنِ ابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ ﷺ يُرْسِلُ إِلَيْهِ لَيَسْأَلَهُ، هَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ؟ عِلْمًا مِنْهُ بِمَعْرِفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُقْتَبَسُ هَذَا مِنْهُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِثْبَاتُهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَأَى رَبَّهُ، وَبِيَقِينٍ يَعْلَمُ كُلُّ عَالِمٍ أَنَّ هَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِالْعُقُولِ، وَالْآرَاءِ وَالْجِنَانِ وَالظُّنُونِ، وَلَا يُدْرَكُ مِثْلُ هَذَا الْعِلْمِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ النُّبُوَّةِ، إِمَّا بِكِتَابٍ أَوْ بِقَوْلِ نَبِيٍّ مُصْطَفًى، وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَوَهَّمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ» بِرَأْيٍ وَظَنٍّ، لَا وَلَا أَبُو ذَرٍّ، لَا وَلَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، نَقُولُ كَمَا قَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ لَمَّا ذُكِرَ اخْتِلَافُ عَائِشَةَ ﵂ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا عَائِشَةُ عِنْدَنَا أَعْلَمُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَقُولُ: عَائِشَةُ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ، حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللَّهِ عَالِمَةٌ فَقِيهَةٌ، كَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ ابْنُ عَمِّ النَّبِيِّ ﷺ، قَدْ دَعَا النَّبِيُّ ﷺ لَهُ أَنْ يُرْزَقَ الْحِكْمَةَ، وَالْعِلْمَ، وَهَذَا الْمَعْنِيُّ مِنَ الدُّعَاءِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِتُرْجُمَانِ الْقُرْآنِ، وَمَنْ كَانَ الْفَارُوقُ ﵁ يَسْأَلُهُ عَنْ بَعْضِ مَعَانِي ⦗٥٦٠⦘ الْقُرْآنِ، فَيَقْبَلُ مِنْهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ، وَأَقْدَمُ صُحْبَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ قَدْ أَعْظَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَ شَيْئًا نَفَتْهُ عَائِشَةُ ﵂، وَالْعُلَمَاءُ لَا يُطْلِقُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَإِنْ غَلَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ خَالَفَ سُنَّةً أَوْ سُنَنًا مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَمْ تَبْلُغِ الْمَرْءَ تِلْكَ السُّنَنُ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ مَنْ يُثْبِتُ شَيْئًا لَمْ يَنْفِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ فَتَفَهَّمُوا هَذَا لَا تُغَالِطُوا ذِكْرُ حِكَايَةِ مَعْمَرٍ: سَمِعْتُ عَمِّي يَحْكِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي خَبَرٍ لَيْسَ إِسْنَادُهُ مِنْ شَرْطِنَا
2 / 555