المقد مة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين وعلى آله الطاهرين، أما بعد ..
فإن هذا البحث المتواضع في مسألة الإرسال والضم أثناء القيام في الصلاة، سبق وأن طبع منذ سنوات، وكنت قد أشرت في مقدمته إلى أن الباعث عليه أننا ابتلينا بأناس يعتبرون الضم في الصلاة علامة المعرفة والتسنن، ويعتبرون الإرسال علامة الجهالة والابتداع، وبالغوا في ذلك حتى صارت المسألة كأنها من مهمات مسائل أصول الدين، متعللين في ذلك بأن الإرسال لا دليل عليه، وأن أدلة الضم متواترة!! وأنه لا يرسل في الصلاة إلا حفنة من الناس ليس لهم في ذلك رائحة دليل.
تلك التقولات وغيرها جعلت البعض يتساءل كيف جاء الارسال في الصلاة؟ ومن هم القائلون بشرعيته؟ وما مدى صحة ما يعتمدون عليه من الأدلة في ذلك؟
وكنت ممن خطر بباله تلك التساؤلات؛ فتوجهت نحو البحث في هذه المسألة بجد وتوسع، إيمانا مني بأن بحث أي موضوع، وجمع ما أمكن من أدلته وملابساته، وفحصها بموضوعية، بعيدا عن أي عصبية أو ميول مسبق، أو تأثر بمحيط ثقافي أو اجتماعي أو سياسي؛ يؤدي إلى رؤية إن لم تكن صوابا، فقريبة من الصواب.
وبعد أن باشرت عملي في البحث والتتبع وجدت أن الخلاف في مسألة الضم والإرسال في الصلاة واقع بين علماء المسلمين: فقهاء ومحدثين، وهو خلاف لا يؤدي - في الحقيقة - إلى التباعد والتنافر بين الأمة الواحدة، لا سيما وأن هذه المسألة من المسائل الفرعية الاجتهادية التي كل مجتهد فيها مصيب، إذا اجتهد وأعطى المسألة حقها من البحث والتنقيب الذي لا يشوبه شيء من العصبية المذمومة.
وحين فرغت من الاطلاع على مقالات العلماء واستعراض الأدلة في هذه المسألة، رأيت أن أدون ما اجتمع عندي من المعلومات، لأقدمها للقراء وأقربها للباحثين، فجاءت في ثلاثة أبواب على النحو التالي:
Shafi 1