كما يدحو أحدكم الكرة" وقال ابن عباس: (ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم) وهو تعالى لا خالق سواه. وهذا مما أجمع عليه أهل الملل كلها فلم ينكر أحد أنه خالق لجميع المخلوقات، إلا أنه قد جرى للمعتزلة كلام في خلق الإنسان أفعاله نفسه وخلافهم غير معتد به بعد قوله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} وقوله: {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون} فان العبد غير موجد ولا خالق لأفعاله. لأنه تعالى طعن في ألوهية الأجسام بسبب أنها لا تخلق شيئا. فهذا يقتضي أن كل ما كان خالقا كان إلها، فلو كان العبد خالقا لأفعال نفسه لكان إلها، ولما كان ذلك باطلا علمنا أن العبد غير خالق لأفعال نفسه.
ومن الدليل على علم ذلك عند كل أحد، تقرير الله الخلق وإقرارهم بأن الله هو الخالق وحده. قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله} ولذلك قرعهم سبحانه بالاستفهام الإنكاري في قوله عز وجل: {قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده} لكن لما كان بعضهم منكرا للمعاد الجسماني أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: {قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده} ثم انه جرى كلام هل الخلق غير المخلوق أو هو هو، والجمهور يقولون الخلق غير المخلوق، والفعل غير المفعول، إذ الخلق مصدر، والمخلوق هو المفعول، والمصدر مغاير للمفعول لا نفسه. وهذا قول جماهير الصوفية وأهل الحديث بل كلهم، ولأصحاب مالك والشافعي وأحمد في ذلك قولان والذي عليه أئمتهم ان الخلق غير المخلوق وهو أيضا قول أكثر أهل الكلام وهو الذي حكاه البغوي عن أهل السنة.
(وأما قولكم وأنه قديم متصف بالعلم والقدره وسائر صفات الكمال والجلال منزه عن سمات النقص) .
فنقول إنه تعالى قديم أزلي، فإن كل أزلي قديم ولا عكس، فهو الأول ولا بداية، والآخر ولا نهاية، لم يزل ولا يزال سبحانه متصفا بصفاته العليا وأسمائه الحسنى، فهو إله واحد لا شريك له في عبادته فلا يتجزأ في ذاته. أحد لا من عدم، فرد صمد لم يلد ، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ولا معين له في خلقه، ولا مثل
Shafi 68