له من أنه يقتضي الريبة والتوقف لا أنه يجزم بعدم القبول له كما هنا.
القول الثاني: مما قيل إنه شرط الشيخين ما أفاده قوله "قال الحازمي" كما نقله عنه زين الدين "في شروط الأئمة ما حاصله إن شرط البخاري أن يخرج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين الملازمين لمن أخفوا عنه ملازمة طويلة" هذا لا يوافق ما نقل عن البخاري من أنه يشترط اللقاء ولو مرة بل هذا يدل على أنه إنما يكتفي بالمرة في حق أهل الطبقة الثانية الذين أشار إليهم بقوله: "وأنه قد يخرج أحيانا عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة لمن رووا عنه فلم يلازموه إلا ملازمة يسيرة وأن شرط مسلم" عطف على قوله أن شرط البخاري "أن يخرج أحاديث هذه الطبقة الثانية" لا يخفي أن مسلما لا يشترط اللقاء أصلا كما صرح به في مقدمة صحيحة كما يأتي لفظه.
وأهل هذه الطبقة يشترط فيهم اللقاء ولو يسيرا كما عرفت فإن أريد أن مسلما قد يخرج لأهل هذه الطبقة فنعم ويخرج لأهل الأولى وهم على شرطه وزيادة وليسوا شرطه إلا أن يريد هنا تخريجه بغير العنعنة إذ هي التي لا يشترط فيها اللقاء فلا بأس لكن كان عليه أن يصرح بذلك هنا.
"وقد يخرج مسلم أحاديث من لم يسلم عن غوائل الجرح إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه كحماد بن سلمة في ثابت اللبناني وأيوب" قال الذهبي في الميزان احتج مسلم بحماد بن سلمة في أحاديث عدة في الأصول وتحايده البخاري قال الحاكم: في المدخل ما خرج مسلم لحماد بن سلمة في الأصول إلا في حديثه عن ثابت قال الذهبي وحماد إمام جليل مفتي أهل البصرة مع اسحق ابن أبي عروبة انتهى ولم يذكر فيه جرحا إلا أنه ساق عنه أحاديث فيها نكارة.
"قال زين الدين: هذا حاصل كلام الحازمي" ونقل النووي في شرح مسلم عن ابن الصلاح أن شرط مسلم في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما عن الشذوذ والعلة.
وقال النووي أيضا ذكر مسلم في أول مقدمة صحيحه أنه يقسم الأحاديث إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما رواه الحفاظ المتقنون.
والثاني: ما رواه المستورون المتوسطون في الإتقان والحفظ.
والثالث: ما رواه الضعفاء والمتروكون.