فقال: يا سيدي ! هذا موضع عصيت الله فيه، وأنشد يقول:
أتفرح بالذنوب وبالمعاصي
وتنسى يوم يؤخذ بالنواصي
وتأتي الذنب عمدا لا تبالي
ورب العالمين عليك حاصي(74)
قال ابن القيم×في شأن المتمادين في الذنوب اتكالا على رحمة الله_: =وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها_سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته، ونصوص الرجاء.
وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب+(75).
ثم ساق×أمثلة عديدة لما جاء عن أولئك.
ثم قال بعد ذلك: =وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما على انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله، ورحمته، وعفوه، وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو_قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك أجل، وأكرم، وأجود، وأرحم.
وإنما يضع ذلك في محله اللائق به؛ فإنه_سبحانه_موصوف بالحكمة، والعزة، والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق؛ فلو كان معول حسن الظن على صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه؛ فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه، وتعرض للعنته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته؟ !
بل حسن الظن ينفع من تاب، وندم، وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم حسن الظن بعدها؛ فهذا هو حسن الظن، والأول غرور والله المستعان+(76).
Shafi 26