Tawba aikin rayuwa
التوبة وظيفة العمر
Nau'ikan
14_ إصلاح الخواطر والأفكار: قال ابن القيم×: =مبدأ كل علم نظري، وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار؛ فإنها توجب التصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل، وكثرة تكراره تعطي العادة؛ فصلاح هذه المراتب بصلاح الخواطر والأفكار، وفسادها بفسادها؛ فصلاح الخواطر بأن تكون مراقبة لوليها وإلهها، صاعدة إليه، دائرة على مرضاته ومحابه؛ فإنه_سبحانه_به كل صلاح، ومن عنده كل هدى، ومن توفيقه كل رشد، ومن توليه لعبده كل حفظ، ومن توليه وإعراضه عنه كل ضلال وشقاء+(384).
وقال: =واعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر، فيأخذها الفكر، فيؤديها إلى التذكر، فيأخذها التذكر فيؤديها إلى الإرادة، فتأخذها الإرادة فتؤديها إلى الجوارح والعمل، فتستحكم فتصير عادة؛ فردها من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها.
ومعلوم أنه لم يعط الإنسان إماتة الخواطر، ولا القوة على قطعها؛ فإنها تهجم عليه هجوم النفس، إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها، ورضاه به، ومساكنته له، وعلى دفع أقبحها، وكراهته له، وأنفته منه+(385).
إلى أن قال×: =وقد خلق الله_سبحانه_النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن، ولا بد لها من شيء تطحنه؛ فإن وضع فيها حب طحنته، وإن وضع فيها تراب أو حصى طحنته؛ فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب الذي يوضع في الرحى، ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط، بل لا بد لها من شيء يوضع فيها؛ فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره، وأكثرهم يطحن رملا وحصى وتبنا ونحو ذلك؛ فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه+(386).
Shafi 134