131

قال النووي×في شرح الحديث: =قال العلماء: في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب، والأخدان المساعدين له على ذلك، ومقاطعتهم ما داموا على حالهم، وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح، والعلماء، والمتعبدين الورعين، ومن يقتدى بهم، وينتفع بصحبتهم، وتتأكد بذلك+(372).

فإذا تبين ذلك فما أحرى بذي اللب أن ينأى عن الأشرار، ويفر منهم فراره من الأسد.

ولا ينفع الجرباء قرب صحيحة

إليها ولكن الصحيحة تجرب

ومما ينبغي التنبه له في مسألةخطر الجليس السوء أن كثيرا من الناس لا يتصور من الجليس السوء إلا من يوقع صاحبه في التدخين، أو الخمر، أو المخدرات، أو نحوها من المعاصي المشهورة المعروفة.

ولا ريب أن هذا جليس سوء تجب مفارقته والبعد عنه.

ولكن هناك جلساء سوء لا يقلون خطرا عن أولئك، بل ربما زادوا عليهم، إنهم المنحرفون في أفكارهم وعقائدهم؛ فهؤلاء يفسدون على المرء عقيدته وفكره.

والانحراف الناشىء عن زيغ العقيدة أشد من الانحراف الناشىء عن طغيان الشهوة وأصعب علاجا؛ فزائغ العقيدة قد يستهين بشعائر الإسلام، ومحاسن الآداب ، فيزعم أنها ليست من الحسن في شيء، ويخرج عن حدود المكارم بدعوى أنها رسمت على غير حكمة.

ثم إن زائغ العقيدة لا يتورع عن المناكر، ولا يؤتمن على المصالح، ولا يأبه أن يلبس الباطل بلبوس الحق؛ فهو ليس عضوا أشل فحسب، بل هو عضو مسموم لا يلبث أن يسري فساده في نفوس جلسائه وسماره؛ لذا كان لزاما على من يريد السلامة في نفسه ودينه أن يجانب هؤلاء المفسدين.

تعست مقارنة اللئيم فإنها

شرق النفوس ومحنة الكرماء

قد أصبحوا للدهر سبة ناقم

في كل مصدر محنة وبلاء

وأشد ما يلقى الفتى من دهره

فقد الكرام وصحبة اللؤماء(373)

11_ النظر في العواقب: فذلك يوقف الإنسان على حقائق الأشياء، ويريه الأمور كما هي، وبذلك يقصر عما يهوى؛ خشية من سوء العاقبة.

Shafi 131