وحده لا شريك له وهو الكريم الوهاب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله والأصحاب.
أما بعد:
فإن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل
العبودية، وأوسطها، وآخرها.
وحاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها ملحة؛ فنحن نذنب كثيرا، ونفرط في جنب الله ليلا ونهارا؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين الذنوب.
ثم إن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية.
ولقد جرت سنة الله أنه كلما دعت الحاجة إلى أمر ما_يسره الله، وأعان عليه بلطفه وجوده وكرمه.
ولقد يسر الله أمر التوبة، وفتح أبوابها لمن أرادها؛ فهو_عز وجل_يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
وباب التوبة مفتوح للكفار، والمشركين، والمرتدين، والمنافقين، والظالمين، والعصاة، والمقصرين.
والناظر في باب التوبة بادىء الرأي قد يظن أنه محصور في عدة أمور، فلا يتعداها ولا يتجاوزها.
والحقيقة أن الحديث عن التوبة ذو شجون، والكلام عليها متشعب طويل؛ فللتوبة فضائل وأسرار، ولها مسائل وأحكام، وهناك أخطاء تقع في مفهومها، وهناك أسباب تعين عليها.
ثم إن الحديث عن التوبة يشمل كافة الناس، ويخاطب جميع الطبقات، ويحتاج إليه في جميع مراحل العمر.
ومع عظم شأن التوبة، وشدة الضرورة إليها_إلا أن هناك تقصيرا في شأنها، وخللا كبيرا في مفهومها، وغفلة مستحكمة عن المبادرة إليها.
وفيما يلي من صفحات بيان لشيء من ذلك، أما عنوان هذا الكتاب فهو:
=التوبة وظيفة العمر+(1)
أما خطته فجاءت بعد المقدمة مشتملة على تمهيد، وبابين، وخاتمة، وذلك كما يلي:
تمهيد، وتحته:
_ تعريف التوبة.
_ من أي شيء تكون التوبة؟
_ تقسيم الذنوب.
_ باب التوبة مفتوح.
الباب الأول: فضائل التوبة وأحكامها
وتحته أربعة فصول:
Shafi 1