وإما أن يلتزم لأجلها لوازم معلومة الفساد في الشرع والعقل؛ كما التزم جهم لأجلها فناء الجنة والنار، والتزم أبو الهذيل لأجلها انقطاع حركات أهل الجنة. والتزم قوم لاجلها كالأشعري وغيره أن الماء والهواء والنار له طعم ولون وريح ونحو ذلك. والتزم قوم لأجلها، وأجل غيرها: أن جميع [الأعراض] كالطعم واللون وغيرهما لا يجوز بقاؤها بحال لأنهم احتاجوا إلى جواب النقض الوارد عليهم لما أثبتوا الصفات لله مع الاستدلال على حدوث الأجسام بصفاتها. فقالوا: صفات [الأجسام] أعراض أي أنها تعرض وتزول فلا تبقى بحال بخلاف صفات الله فإنها باقية. وأما جمهور عقلاء بني آدم فقالوا: هذه مخالفة للمعلوم بالحس.
والتزم طوائف من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم لأجلها نفى صفات الرب مطلقًا، أو نفي بعضها لأن الدال عندهم على حدوث هذه الأشياء هو قيام الصفات بها والدليل يجب طرده. والتزموا حدوث كل موصوف بصفة قائمة به وهو أيضا في غاية الفساد والضلال. ولهذا التزموا القول بخلق القرآن، وإنكار رؤية الله في الآخرة، وعلوه على عرشه. إلى أمثال ذلك من اللوازم التي التزمها من طرد مقدمات هذه الحجة التي جعلها المعتزلة، ومن اتبعهم أصل دينهم.
فهذه داخلة فيما سماه هؤلاء أصول الدين؛ ولكن ليست في الحقيقة من أصول الدين الذي شرعه الله لعباده.
1 / 17