قال أبو عثمان: فعرضت ذلك على أحمد بن حنبل، فقال لي: يرحم الله الأوزاعي، عشرتها في التغافل (١).
وأما الخلوة فإنها تُفَرِّغُ القلبَ من الخلق، وتَجْمع الهمَّ بأمر الخالق، وتجلب ادِّكار الآخرة، وتجدد الإهتمام بها، وتنسي ادِّكار العباد، وتواصِل ذكرَ المعبود.
وروي عن ابن عباس أنه كان يقول: لولا الوسواس لم أبالِ أن أجالس الناس، وهل أفسد الناسَ إلا الناسُ؟ (٢).
وقال ابن مسعود: وددت أن بيني وبين الناس سور حديد (٣).
وقد روى الحسن بن محمد بن الحارث السجستاني (٤) أنه قال لأبي عبد الله: التخلي أعجب إليك؟ فقال: التخلي على علم. وقال: يروى عن النبي ﷺ أنه قال: "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم" (٥).
وقال في رواية أبي الصقر (٦): إذا كانت الفتنة فلا بأس أن يعتزل الرجل حيث شاء، وأما ما لم تكن فتنة فالأمصار خير (٧).
_________
= (٧/ ١٨٥) وتذكرة الحفاظ (١/ ١٨٨).
(١) روى نحوه: البيهقي في الشعب عن الإمام أحمد (٦/ ٣٣٠).
(٢) رواه: ابن أبي الدنيا في كتاب مداراة الناس (رقم ١٢٦) وفي العزلة والإنفراد (رقم ٨) وفيه رجل لم يسم.
(٣) أورد نحوه: ابن الجوزي في صفة الصفوة (١/ ٤٠٦).
(٤) ذكره: ابن أبي يعلى في الطبقات (١/ ١٣٩) وقال: نقل عن إمامنا أشياء. وساق ما ذكره عن الإمام أحمد.
(٥) رواه: أحمد في مسنده (٢/ ٤٢) والترمذي (رقم ٢٥٠٧) وابن ماجه (رقم ٤٠٣٢) من حديث ابن عمر، صححه الألباني كما في صحيح ابن ماجه (رقم ٣٢٧٣).
(٦) يحيى بن يزداد الوراق، عنده لأحمد مسائل. ذكره ابن أبي يعلى في الطبقات (١/ ٤٠٩).
(٧) رواه: ابن أبي يعلى في الطبقات (١/ ٤٠٩).
1 / 66