ذاهلة في ذلك الموقف، فكيف بعقلك وما حلَّ بك، وأنت الخاطئ العاصي المتمادي فيما يكره ربك ﷿؟
فتوهم نفسك لذلك الخوف والفزع والرعب والغربة والتحير إذا تبرأ منك الولد والوالد والأخ والصاحب والعشائر، وفررت أنت (١) منهم أجمعين، فكيف خذلتهم وخذلوك، ولولا عظم هول ذلك اليوم ما كان من الكرم والحفاظ أن تفرَّ من أمك وأبيك وصاحبتك وبنيك وأخيك، ولكن عظم الخطر، واشتد الهول فلا تلام على فرارك منهم، ولا يلامون (٢)، ولم تخصهم بالفرار دون الأقرباء لبغضك إياهم، وكيف تبغضهم (٣) أو يبغضونك، وكيف خصصتهم بالفرار منهم، أتبغضهم (٤) وإنهم لهم الذين كانوا في الدنيا مؤانسيك وقرة عينك وراحة قلبك، ولكن خشيتَ أن يكون لأحد عندك منهم تَبِعةٌ فيتعلق بك حتى يخاصمك عند ربك ﷿، ثم لعله أن يحكم له عليك فيأخذ منك ما ترجو (٥) أن تنجو (٦) به من حسناتك فيفرقك منها فتصير بذلك إلى النار.
فبينما أنت في ذلك إذا ارتفعت عنق من النار فنطقت بلسان فصيح بمن وُكِّلتْ
_________
(١) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(٢) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [يلاموا] .
(٣) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
(٤) كسابقه.
(٥) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [ترجوا] .
(٦) هكذا صوب الكلمة (أ)، وكانت في أصله [تنجوا] .
1 / 21