[علمه وزهده وفضله]
وكان مع هذا مجتهدا عابدا يصوم أكثر أيامه، ويحيي أكثر ليله «تهجدا وصلاة»، ويتجزى بالقليل من الطعام، قد شرى نفسه لله وهان عليه ما يلقى من المحن والأهوال، ويقاسي من الشدائد من مخالفة أهل اليمن له مرة بعد أخرى، وثانية بعد أولى، ونقضهم العهود المؤكدة، والمواثيق المغلظة، ونكثهم الأيمان بعد توكيدها، وخروجهم من طاعته، ومحاربتهم له ومعاونتهم أعداءه عليه، وتقويتهم إياهم بالأموال سرا وإعلانا، لم يقاس أحد من الأئمة رضوان الله عليهم بعد محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن مثله.
ولبث فيهم بضع عشرة سنة لايفتر ولا يكل عن دعائهم إلى طاعة ربهم ولايهن ولا يفشل عن تأديبهم وتقويمهم، وحملهم على حكم الكتاب والسنة متقبلا سنة آبائه الراشدين مقتديا بهديهم متبعا آثارهم، مجاهدا أعداء الله، باذلا نفسه لله مع قلة أنصاره وأعوانه، وكثرة محاربيه وأعدائه، حتى جاءه أمر الله الذي لا محيد عنه، ولا مهرب منه، فاختار الله له ما عنده وقبضه إليه حميدا مرضيا.
Shafi 522