قال: وإنه ليكلمه بهذا الكلام إذ أتى أبا السرايا رجل من أهل القرى فدله على مخاضة، فدعا أبا كتيلة فوجهه عليها، فسار على سوراء يريد العبور من تلك المخاضة، وأتاه رجل آخر فدله على مخاضة أخرى فوجه عليها أبا الشوك، وأمره أن يعبر منها، فلم يلبث أن سمعنا التكبير من ناحية الجامع، والنداء بشعار أبي السرايا، فعبر الكوفيون النهر بالتراس والرماح فوضعوا فيهم أسيافهم وانهزم أهل بغداد، فلم ينج منهم إلا القليل، وقتل عبدوس، واصطلم عسكره وأسر أخوه هارون.
عن نصر بن مزاحم، عن عبد الله بن محمد قال:رأيت ظفر بن عصام يعترض عسكر عبدوس بسيفه وهو يقول:
كيف رأيتم بأسنا وجدنا .... وفعلنا حين قصدتم قصدنا
قال: وضرب فيها مسافر الطائي بسيفه حتى انكسر وطعن برمحه حتى انقصف، وحمل عليهم بالعمود وهو يقول:
بغوا فقد صاروا إلى التدمير .... إلى أشد الحال والمصير
ما بين مقتول إلى أسير .... ثم تذوقوا لهب السعير
قال نصر بن مزاحم: حدثني عبد الله بن عبد الحميد قال: رأيت أعرابيا بجنب عدة أسرى وفي يده رأس عبدوس، وهو يقول:
لم تر عيني منظرا كاليوم .... وإن على سيوفنا من لوم
ما صنعت ضباتها بالقوم .... كأن ذا في خطرات النوم
قال: ورأيت أبا كتيلة على فرس أدهم معمما بعمامة حمراء، في يده سيف وترس يشد على أصحاب عبدوس وهو يقول:
اصطبروا أين إلى أين الهرب .... واستشعروا الويل ونادوا بالحرب
قد ذهب الرأس فما صبر الذنب .... ياأهل بغداد تهيئوا للعطب
كيف رأيتم وقع أسياف العرب
قال: فأمر أبو السرايا الناس ليعبروا الأسرى ويعبروا الرؤوس، ثم بعثهم إلى الكوفة، وتوجه إلى القصر.
Shafi 480