قال ما شاء الله وشئت: "أجعلتني لله ندا". ١
وأما ما ذكره هذا من مدحه نفسه وتزكيتها بدعوى العلم، وذمه المخالف وتجهيله فالعاقل مايغتر بذلك بل يقوم لله وينظر لنفسه ويتأمل ما يورده من الحجج ولا يقلد فإن التقليد لا يجوز ٢ في هذا الأصل العظيم.
قال وقد روى هذه القصيدة مع الهمزية جماعة من العلماء وشرحها بعضهم ولم يفهموا منها محذورا.
فنقول كما قال الأئمة الأعلام: كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ، وأيضا لا يلزم أن كل من روى كتابا أو قصيدة أن يكون مستصوبا لكل ما روى.
وذكر ممن روى البردة أبو حيان، والبيضاوي، والمحلي، وابن حجر العسقلاني، وكذا القسطلاني.
فيقال له: تفسير الثلاثة للقرآن موجود، وكذا شرح البخاري، هل تجد في شيء منها ما يمكن تشبيهك به على الناس بما يوافق دعواكم الباطلة من أن علم اللوح والقلم من علوم النبي ﷺ وأنه لا يخفى عليه شيء من أدواء القلوب كما في بيت الهمزية من قوله: وليس يخفى عليك في القلب داء، وأن الدنيا والآخرة من جوده ﷺ وأنه يطلب منه اليوم الإنقاذ من عذاب الله والألم، وأن ما جاز طلبه منه في حياته جاز طلبه منه بعد موته، وأن الله سبحانه أمر عباده المؤمنين بطلب حاجاتهم من الأموات والغائبين
_________
١ أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم ٨٠٤، وأحمد في المسند "١/ ٢٦٦"، والطحاوي في مشكل الآثار رقم ٢٣٥، وأبو نعيم في الحلية "٤ / ٩٩ "، وانظر: السلسلة الصحيحية رقم ١٣٩.
٢ في "ط" "لما يجوز".
1 / 21