وفي يوم الخميس سادس عشرين شهر ربيع الأول جلس مولانا السلطان بدار العدل الشريف بقلعة الجبل، وحضر الأمراء والأفكار والقضاة والأئمة - وكل من جرت عادته بحضور دار العدل الشريف، ونودي في القاهرة ومصر بأن من كانت له شكوى فليحضر. فحضر الناس، وقرئت القصص بين يذی مولانا السلطان. وأمر فيها وهى ووقع عليها وعلم في وقته، وصلت لأربابها. ورفعت إليه شكاوى المتظذين فقرت عليه، وكشفها بنفسه، وتحدث فيها بعدله و إنصافه. وعمت البركات وأنصف كل أحد من نفسه، ومن كان له غريم أرضاه. وكل أمير رفعت فيه قصة أعطيت له وأمر باعتماد الحق فيها والإنصاف. وانفصل هذا اليوم على حسنات وإحسان، وخيرات حسان.
ذکر توجه العسكر المنصور إلى جهة الكرك ومضايقتها
قد ذكرنا جمیل اعتاد مولانا السلطان مع ذرية المرحوم الماء القاهر وما عاملهم به من جمع شمل، واجماع أهل، وما كان تقرر مع الملك المسعود بن الملك الظاهر من صلح و سکون حال، واستقرار أمر، و إنقاذ أخيه سلامش وولد الملك السعيد إليه، وجماعة من أخواته ووالدته ومن يتعلق بهم. فاكان بأكثر من أن حصل لهم الأمن والطمأنينة، وحملت إليهم حمول أملاكهم من الشام ومصر وهی خزائن أموال، شرعوا في الأمور الأول، وفي أثناء الحال حضر الأمير علاء الدين أبد غدى الحراني نائب السلطنة بالكرك، وكان حضوره في العشر الأول من شهر ربيع الأول من السنة فتحدث بما هم عليه من أمور فاسدة، وأحوال متضادة وذكر أشياء غير واحدة، وكتب مولانا السلطان وهو نهی عن تلك الأمور، ويبصرهم بعواقب البغي الذي منه سناء المحافظة تمور، فما ازداد الأمر منهم إلا عناد، والمواثيق إلا فسادا. هذا ومولانا السلطان ينذرهم، و بالله بنشده. فما زاد أمرهم واستفحل، جرد مولانا السلطان عسكرة قدم عليه الأمير بدر الدين بکتاش أمير سلاح. فتوجهوا في ثالث شهر ربيع الأول من هذه السنة فتوجهوا في صورة منازلین لامضايقين، لعلهم أن يرجعوا، وأمره بأن يعظهم ليسمعوا، فوعظهم وخوفهم فا سموا. وأظهروا العناد والمشاققة، وما أصغوا إلى المحاققة. وأقام العسكر بتلك الجهات مدة ومتجر متهم ينزلون ويفتكون، و يتحرشون ثم يشتكون. ومولانا السلطان ينتظر منهم إنابة، و إلى خير إجابة. فلما زاد الاعتداء منهم، رعت السا کر ماحولهم من زرع، وداموا على المنازلة إلى حيث توجه مولانا السلطان إلى الشام، وسیر، طلب جماعة منهم، وجرد جماعة في جهة الشوبك من المعسكر المنصور ؛ على ما سيذكر.
Shafi 32