58

Tasheƙe Kunnuwa da Tarin Jumu'i

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

Bincike

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

Mai Buga Littafi

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Inda aka buga

توزيع المكتبة المكية

Nau'ikan

الثانيةُ: يَمْتَنِعُ تكليفُ المُلْجَأِ أيضًا، والمرادُ به مَن لا يَجِدُ مَنْدُوحَةً على الفعلِ معَ حضورِ عَقْلِهِ، وذلك كمَن يُلْقَى من شاهِقٍ، فهو لا بُدَّ له من الوقوعِ، ولا اختيارَ له فيه، ولا هو بفاعلٍ له، وإنما هو آلةٌ مَحْضَةٌ كالسِّكِّينِ في يدِ القاطِعِ، فلا يُنْسَبُ إليه فِعْلٌ، وحَرَكَتُه كحركةِ المُرْتَعِشِ، وسِيَاقُ المُصَنِّفِ يَقْتَضِي حكايةَ خلافٍ في هذه الحالةِ، وكلامُ الآمِدِيِّ في (الإحكامِ) يُشِيرُ إليه؛ بِناءً على جوازِ تكليفِ ما لا يُطَاقُ عقلًا، وإنِ امْتَنَعَ سَمْعًا. الثالثةُ: يَمْتَنِعُ تكليفُ المُكْرَهِ، والمرادُ به مَن يُنْسَبُ إليه الفعلُ، فيقالُ: فَعَلَ مُكْرَهًا غيرَ مُخْتَارٍ، وهو مَن لا يَجِدُ مَنْدُوحَةً عن الفعلِ إلاَّ بالصبرِ على إيقاعِ ما أُكْرِهَ به، كمَن قالَ له قادرٌ على ما يَتَوَعَّدُ: اقْتُلْ زَيْدًا وإلاَّ قَتَلْتُكَ. لا يَجِدُ مندوحةً عن قتلِهِ إلاَّ بتسليمِ نفسِه للهلاكِ، فهذا إقدامُه على قَتْلِ زيدٍ ليسَ كَوُقُوعِ الذي أُلْقِيَ مِن شاهِقٍ، وإنِ اشْتَرَكَا في عدمِ التكليفِ، لكِنَّ تكليفَ هذا المُكْرَهِ أَقْرَبُ مِن تكليفِ المُلْجَأِ، كما أنَّ تَكْلِيفَ المُلْجَأِ أَقْرَبُ من تكليفِ الغافلِ الذي لا يَدْرِي، فإذًا المَرَاتِبُ ثلاثةٌ كما رَتَّبَهَا المصنِّفُ: فأَبْعَدُها تكليفُ الغافِلِ؛ فإنَّه لا يَدْرِي. ويَتْلُوها: تَكْلِيفُ المُلْجَأِ؛ فإنَّه يَدْرِي، ولكِنْ لا مَنْدُوحَةَ له عن الفعلِ. ويَتْلُوها: المُكْرَهُ؛ فإنَّه يَدْرِي وله مَنْدُوحَةٌ عن الفعلِ، لكِنْ بطريقٍ تارَةً لم يُكَلِّفْهُ الشرعُ الصبرَ عليها؛ كما

1 / 153