عُبَيْدٍ، وتصيرُ المذاهبُ خَمْسَةً.
الثاني: ما أَطْلَقَه في نَقْلِ مذهبِ الإمامَيْنِ، فيه نَظَرٌ، أمَّا إمامُ الحرمَيْنِ فإنَّه قالَ: ثَبَتَ منها نوعانٍ:
أحدُهما: قَصْرُ التَّسْمِيَةِ على بعضِ مُسَمِيَاتِها، فإنَّ الصلاةَ لُغَةً: الدُّعاءُ، وقَصَرَهُ الشَّرْعُ على دُعاءٍ مَخْصُوصٍ.
والثاني: التَّجَوُّزُ، كإطلاقِها على الأفعالِ من السجودِ ونحوِه مجازًا من الدُّعاءِ؛ لأنَّ الدَّاعِيَ خَاضِعٌ وكذا السَّاجِدُ، قالَ: فالمُثْبَتُ للنَّقْلِ إنْ أَرَادَ القَصْرَ النَّحْوِيُّ فلا معنَى لإنْكَارِه، وإنْ أَرَادَ غيرَه فبَاطِلٌ، هذا كلامُه، ولم يُفَصِّلْ بينَ شَرْعِيَّةٍ ولا أَصْلِه.
وأمَّا الإمَامُ الرَّازِيُّ فإنَّه اخْتَارَ أنَّ الشَّرْعَ لم يَنْقُلْهَا عن معناها اللُّغَوِيِّ، لكنَّه لم يَسْتَعْمِلْها في حَقِيقَتِها اللُّغَوِيَّةُ، وإلاَّ تَبَادَرَ الذِّهْنُ إليها بل في مَجَازِهَا اللُّغَوِيُّ، فإنَّ العَرَبَ تَكَلَّمُوا بالمَجَازِ كما تَكَلَّمُوا بالحقيقةِ، ومن مجازِهِمْ تَسْمِيَةُ الشيءِ باسمِ أَجْزَائِه، والصلاةُ كذلِكَ، فإنَّ الدُّعاءَ جُزْؤُها، فكَأَنَّ الإمامَ يَقولُ: إنَّها مُفَسِّرَةٌ على مَجَازِها اللُّغَوِيُّ، كما أنَّ القَاضِي يَقُولُ: إنَّها مُفَسِّرَةٌ على حَقَيقَتِها اللُّغَوِيَّةُ، واشْتَرَكَ المَذْهَبَانِ في إذا لم يَخْرُجْ بها عن أسْلُوبِ العَرَبِ، ولم يَفْصِلْ الإمامُ بينَ فَرْعِيَّةٍ ولا دِينِيَّةٍ أيضًا، بل صَرَّحَ بالتَّسْوِيَّةِ في عبارتِه، قُلْنَا: لم لا يَكْفِي فيها المجازُ؟ وهو تَخْصِيصُه الألفاظُ المُطْلَقَةُ ببَعْضِ مَوارِدُها، فإنَّ الإيمانَ والصلاةَ والصومَ، كانَتْ مَوضوعَةٌ لمُطْلَقُ التَّصْدِيقِ والدُّعاءِ والإمْساكِ، ثم خَصَّتْ في الشَّرْعِ بتَصْدِيقٍ مُعَيَّنٍ ودُعَاءٍ مُعَيَّنٍ وإمْسَاكٍ مُعَيَّنٍ إلى آخِرِه، والفَرْقُ بينَ