ونَظِيرُه: يا رُجُلَ، إذا أَرَدْتَ مُعَيَّنًا، فأيُّ رَجُلٍ أَقْبَلْتَ عليه ونَادَيْتَه، كانَ مُعَرَّفَةٌ لوجودِ القَصْدِ إليه، فكذا أُسَامَةُ؛ أي: أَسَدٌ رَأَيْتَه، فإنَّك تُرِيدُ هذه الحقيقةَ المَعْرُوفَةَ بكذا، فالتَّعَدُّدِ ليسَ بطريقِ الأصلِ. انتهى.
وقالَ ابنُ مَالِكٍ بعدَ ذِكْرِه نَصَّ= سِيبَوَيْهِ هذا: جَعَلَه خَاصًّا شائعًا في حالةٍ واحدةٍ مَخْصُوصَةٍ، باعتبارِ تَعْيينِه الحقيقَةُ= في الذِّهْنِ، وشِيَاعُه باعتبارِ أنَّ لِكُلِّ شَخْصٍ من أشخاصِ نَوْعِه قِسْطًا من تلك الحقيقةِ في الخارجِ، والذي اخْتَارَهُ والدُ المُصَنِّفِ أنَّ عَلَمَ الجِنْسِ: ما قُصِدَ به تَمْييزُ الجِنْسِ عن غيرِه مع قَطْعِ النَّظَرِ عن أفرادِه.
واسمُ الجِنْسِ: ما قُصِدَ به مُسَمَّى الجِنْسِ باعتبارِ وقُوعِه على الأفرادِ، حتى إذا دَخَلَتْ عليه الألِفُ واللاَّمُ الجِنْسِيَّةُ، صَارَ مُساويًا لعَلَمِ الجِنْسِ؛ لأنَّ الألِفَ واللاَّمَ الجِنْسِيَّةَ لتَعْرِيفِ المَاهِيَّةِ، وفَرَّعَ على ذلك أنَّ عَلَمَ الجِنْسِ لا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ، لأنَّ الحقيقةَ من حيثُ هي لا تَقْبَلُ جمعًا ولا تَثْنِيَةً؛ لأنَّ التَّثْنِيَةَ والجَمْعُ إنَّما هو للأفرادِ، لكنْ صَرَّحَ ابنُ السَّمْعَانِيِّ في (القواطعِ) أنَّ الألِفَ واللاَّمَ الداخِلَةِ على اسمِ الجِنْسِ، لعَهْدِ الجَنْسِ لا للتَّعْرِيفِ.
وقالَ ابنُ الحَاجِبِ في (شَرْحِ المُفَصَّلِ) في الفَرْقِ بينَ أُسَامَةَ وزَيدٍ: إنَّ أسدًا مَوْضُوعٌ لفَرْدٍ من أفرادِ النَّوْعِ لا بعَيْنِه، فالتَّعَدُّدُ فيه من أَصْلِ الوَضْعِ، وأُسَامَةَ موضوعٌ للحقيقةِ المُتَّحِدَةِ في الذِّهْنِ، فإذا أَطْلَقْتَ أسدًا على واحدٍ أَطْلَقْتَه على أَصْلِ وَضْعِه، وإذا أَطْلَقْتَ أُسَامَةَ على الواحدِ فإنَّما أَرَدْتَ الحقيقةَ، ويَلْزَمُ من ذلك التَّعَدُّدُ في الخارجِ، فالتَّعَدُّدُ فيه ضِمْنًا لا قَصْدًا بالوَضْعِ، وهذه الفروقُ إنْ أُرِيدَ بها أنَّ وَضْعَ اللُّغَةِ ذلك فيَحْتَاجُ إلى دليلٍ وإلاَّ فهِيَ تَحَكُّمَاتٍ.