ورسوله خير الأنام، المبعوث بالحنيفية السمحة رحمة للعالمين القائل: ((إن هذا الدين يُسر، فيسِّروا ولا تعسِّروا، وقاربوا ولا تنفروا))(١)، ترغيباً للمسلمين، وتهييجاً للعاملين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله الكرام، وصحبه القائمين بحقه وحق الإِسلام، صلاةً وسلاماً تامًّين كاملين باقيين على الدوام بدوام الملك العلَّام، وبعد:
[سبب تأليف الرسالة ومنهج مؤلفها]:
فقد سألني من سؤاله حتم وإجابته غُنْم، من العلماء الأعلام والأشراف الكرام، وطلبة العلم الشريف، الراغبين الباذلين فيه غاية الاهتمام، أن أجمع لهم رسالة في أحكام القصر والجمع في السفر وغيره، مما عليه الأئمة الشافعية، وأن أوضحها بما قاله في ذلك بعض الأئمة منهم ومن غيرهم، من الصحابة والتابعين وعلماءِ الحنفيةِ والحنابلةِ والمالكية من الجهابذة المحققين، فجمعتُ هذه النبذة اليسيرة بحسب الطاقة والاطلاع، إذْ لم أكن في مثل هذا الميدان طويل الباع، مع عدم العدة المعينة على الاتِّساع، وسميتُها:
((تشنيفُ السمع بأخبار القصر والجمع))
والله أرجو أن يَجْعَل ذلك خالصاً لوجهه الكريم، وموجباً للفوز
(١) جمع المؤلِّف - رحمه الله - بین حدیثین:
الأول بلفظ: ((يسِّروا ولا تُعسِّروا، وسكِّنوا ولا تنفروا)). أخرجه البزار (كشف رقم ٧٥) من حديث أنس رضي الله عنه.
والثاني بلفظ: ((الدين يُسر، ولن يُغالب الدين أحدٌ إلَّ غَلَبه، فسدِّدوا، وقاربوا، وأبشروا ... )).
أخرجه البخاري رقم (٣٩)، والنسائي رقم (٥٠٤٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.