[ المكر والخدعة من الله، معنى الله يستهزئ بهم ] فصل: وذكر أبو جعفر - رحمه الله - (1) في قوله تعالى: (يخادعون الله وهو خادعهم) (2)
---
(1) الاعتقادات ص 25، التوحيد: 163 / 1 و159 - 160 / 1. (2) قوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم) إلخ (النساء: 142) سيأتي الاصل في آية: (الله يستهزئ بهم) ونوضح أن العرف من عرب وغيرهم يتمثلون في أغلب محاوراتهم استعارة بالعمل عن أشباهه وما على شاكلته فيقولون (نام فلان عن حقه وتحزم لحق غيره) فلا يخطر ببالهم الحزم والمنام المحسوسان، وإنما يريدون أنه يعمل عملا يشبه بالنائم عن حق نفسه أو المتحزم لخدمة غيره، كما يقال لمن قعد عن طلب نصيبه أو ضيع فرصة متاحة: لقد كنت نائما أو غائبا، وإن كان حاضرأ واعيا، لان عمله يشبه عمل النائم والغائب دون عمل الواعي الحاضر، كذلك الذين يثشبثون لاهوائهم وشهواتهم بدسائس التمويه والتطلية والحيل الشرعية والتزوير في التسمية كأنهم يمكرون ويخدعون الله، ثم إن الله تعالى في إسقاطهم على غرة يشبه من يقابلهم بالمكر والخديعة في حين أنه ليس مكرا في الحقيقة، وإنما هو تأديب بعد استدراج، وبعد إنذار واحتجاج، وبهذه المناسبة وصف الله بأنه خير الماكرين وخادع المنافقين. إن الماكرين أو الخادعين لا يعملون لغاية مقدسة ولا يسبق منهم إنذار لمن في وجههم أو إعلامه لكنما الله سبحانه يعمل لغاية قدسية كالتأديب، ويعمل بعد الانذار والمواعيد لعلهم يحذرون ويتقون، فهي وأشباهها بحسب الاصطلاح استعارة، لكن الشيخين الجليلين حسباها من المجاز المرسل. ش.
--- [ 36 ]
Shafi 35