تصحيح الفصيح
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي بعثنا، بعد حمد الله تعالى، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه على تصحيح كتاب الفصيح المنسوب إلى أحمد بن يحيى، وتفسيره، تحفظ كتاب الدواوين بالحضرة إياه، ومعلوهم عليه. من غير أن يفصحوا عن معانيه، ويعلموا تفسيره، ويعرفوا قياس أبنيته، وعلل أمثلته، اتكالًا على أن من حفظ ألفاظ الفصيح، فقد بلغ الغاية من البراعة، وجاوز النهاية في التأدب. وأن من لم يحفظه فهو مقصر عن كل غرض، ومنحط عن كل [درجة] ولو علموا أن الذي أغفل واضع هذا الكتاب، مما الناس إليه أشد حاجة، وبعم إلى معرفته أعظم فاقة، لصغر عندهم مقداره، وكبر لديهم من الآداب ما فاته. على أنه كتاب قد نوزع في دعواه، وطائفة تزعم أن الذي جمعه يعقوب بن السكيت، اختصره من كتابه "إصلاح المنطق". وطائفة تنسبه إلى ابن الأعرابي، وتلقبه كتاب "الحلى". وقد رأيته بخط أحمد بن الحارث البصري، المعروف بالخزاز، يحكيه عن ابن الأعرابي بهذا اللقب، إلا أنه قد شهر بأحمد بن يحيى، وهو به أشبه، ورأيناه يعترف ويقر به، وكان الذي أغفل مصنفه منه؛ من قياس كل باب، ومثال يصل به قارئه إلى علم جميع ما تلحن فيه العامة، من نظائر ما ذكر في هذا الباب ويحيط بما لم يذكره فيه [أنفع و] أجمع مما صنف، ثم كان مما أغفله أنه لم يفسر ما ذكر فيه من الغريب، ولم يوضح معانيه وإعرابه؛ فاحتاج من تَحَفَّظَه إلى التعب في السؤال عن ذلك، وإلى التعويل على قوم من متأخري أهل اللغة، تعاطوا/ شرح ذلك؛ فقصروا عن بلوغ الواجب، وحشوا الكتاب
1 / 31