Correction of Al-Tanbih
تصحيح التنبيه
Bincike
محمد عقلة الإبراهيم
Mai Buga Littafi
مؤسسة الرسالة
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1417 AH
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
وقد جمع إلى جانب الورع كثرة العبادة والخوف من الله تعالى، فقد كان كثير العبادة حتى أنه سأله البدر بن جماعة عن نومه فقال: إذا غلبني النوم استندت إلى الكتب لحظة وأنتبه. وقال أبو عبد الله الحنبلي: كنت ليلة في أواخر الليل بجامع دمشق، والشيخ واقف يصلي إلى سارية في ظله وهو يردد قوله تعالى: ﴿وقفوهم إنّهم مسؤولون﴾ مراراً بخوف وخشوع، حتى حصل عندي من ذلك أمر عظيم(١).
٢ - أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:
كان الإِمام رحمه الله تعالى زاهداً حقيقة، لا يتظاهر بالزهد في الدنيا، ليأكل بالزهد الدنيا، ولا يعرض عنها ونفسه متعلقة بها، بل كان إعراضه عنها بقلبه، أكثر من إعراضه عنها بجوارحه، وكان مرجع الناس في الخطوب، فلم يكن مع زهده كالرهبان في الأديرة، والدراويش في الزوايا، قد اعتزل دنياه، فلا يدري ماذا فيها، وانقطع عن الناس فلا يعرف ما هم عليه، لا بل كان المرجع في كل ملمة تلمُّ بالبلد، وكان مفزع الناس في الخطوب، وكان سفيرهم إلى الملوك، ووسيلتهم إلى السلاطين(٢).
لما خرج الظاهر بيبرس لقتال التتار بالشام، أخذ فتاوى العلماء، بجواز أخذ المال من الرعية لكي يستنصر به على قتالهم، فكتب إلى فقهاء الشام بذلك. فأجازوه، فقال: هل بقي من أحد؟ فقيل له: نعم، بقي الشيخ محيي الدين النووي، فطلبه فحضر. فقال له: اكتب خطك مع الفقهاء، فامتنع، فقال: ما سبب امتناعك؟ فقال: أنا أعرف أنك كنت في الرق للأمير ((بندقدار))، وليس لك مال، ثم منَّ الله تعالى عليك، وجعلك ملكاً، وسمعت أن عندك ألف مملوك، كل مملوك له حياصة من ذهب،
= شيخ الإسلام للسخاوي ص٣٧، ٣٩.
(١) شيخ الإسلام للسخاوي ص٣٦، ونهاية الطالب لابن العطّار ص٩.
(٢) الإِمام النووي، الشيخ علي الطنطاوي ص ٣٤.
26