يهززنَ للمشيِ أوصالًا منعمةً ... هزَّ الجنوبِ معًا عيدانَ يبرينا
أو كاهتزازِ ردينيٍّ تداولهُ ... أيدي التجارِ فزادوا متنهُ لينا
يمشينَ هيلَ النقَى مالتْ جوانبهُ ... ينهالُ حينًا وينهاهُ الثرى حينا
وقال ابن الرومي
قضيتُ ذلك من قولي إلى قمرٍ ... يلهو بمكتحلٍ طورًا ومختضبِ
جاءتْ تدافعُ في وشيٍ لها حسنٍ ... تدافعَ الماء في وشيٍ من الحببِ
ومثله قول امرئ القيس
سموتُ إليها بعدَ ما نامَ أهلها ... سمو حباب الماء حالًا على حالِ
وقال الطرماح يمدح
سما للعلى من جانبيها كليهما ... سمو حبابِ الماءِ جاشت غواربه
وقال ابن أبي ربيعة
وخفض عني الصوتُ أقبلتُ مشيةَ الحبابِ وركني خيفةَ القومِ أزورُ
وقال آخر
ما لك لا تذكرُ أو تزورُ ... بيضاء بين حاجبيها نورُ
تمشي كما يطردُ الغدير
وقال أشجع
وماجتْ كموجِ الماءِ بينَ ثيابها ... يميلُ به شطرٌ ويعدلهُ شطرُ
إذا وصفتْ ما فوقَ مجرى وشاحها ... غلائلها ردتْ شهادتها الأزرُ
وقال آخر المنسرح
تمشي هوينا إذا مشتْ فضلًا ... مشى النزيف المخمورِ في صعدِ
تظلُّ من زورِ بيتِ جارتها ... واضعةً كفها على الكبدِ
وقال المنخل اليشكري
ولقدْ دخلتُ على الفتا ... ةِ الخدرَ في اليومِ المطيرِ
دافعتها فتدافعتْ ... مشىَ القطاةِ إلى الغديرِ
ولثمتها فتنفستْ ... كتنفسِ الظبيِ الغريرِ
وقال الحارث بن حلزة
خرجتْ تجاسرُ في ثلاثٍ كالدمى ... مشيَ النعاجِ بزاهرٍ حوذانهُ
كالعذْقِ زعزعهُ رياحٌ حرجفٌ ... واهتزَّ بعدَ فروهِ قنوانهُ
وقال عمر بن أبي ربيعة المنسرح
أبصرتها ليلةً ونسوتها ... يمشينَ بينَ المقامِ والحجر
يرفلنَ في الريطِ والبرودِ كما ... يمشي الهوينى جآذرُ البقرِ
وقال ابن الأحنف
شمسٌ مقدرةٌ في خلقِ جاريةٍ ... كأنما كشحها طيُّ الطواميرِ
كأنها حين تمشي في وصائفها ... تخطو على البيضِ أو خضرِ القواريرِ
باب ١٧ في
الشعر
ومن حسن التشبيه في الشعر قول بكر بن النطاح
بيضاءُ تسحبُ من قيامٍ فرعها ... وتغيبُ فيه وهو جثلٌ أسحمُ
فكأنها فيه نهارٌ ساطعٌ ... وكأنه ليلٌ عليها مظلمُ
وقال المنسرح
وفاحمٍ واردٍ يقبلُ مم ... شاهُ إذا اختالَ مرسلًا غدرهْ
أقبلَ كالليل من مفارقهِ ... منحدرًا لا يذمُّ منحدره
حتى تناهى إلى مواطنهِ ... يلثمُ من كلِ موطئٍ عفرهْ
كأنه عاشقٌ دنا شغفًا ... حتى قضى من حبيبهِ وطرهْ
وقال ذو الرمة
وتدني على المتنينِ وحفًا كأنه ... عناقيدُ يهويها شنوءةُ أو قسرُ
وقال الفرزدق
إذا وضعت عنها الجلابيبَ وارتدتْ ... من الفرعِ ميَّ لا يكادُ يصورها
وقال مسلم بن الوليد
أجدكِ ما تدرينَ أن ربَّ ليلةٍ ... كأنّ دجاها من قرونكِ تنشرُ
نصبتُ لها حتى تجلتْ بغرةٍ ... كغرةِ يحيى حين يذكرُ جعفرُ
وقال آخر وهو ابن المعتز المجتث
بدرٌ وليلٌ وغصنٌ ... وجهٌ وشعرٌ وقدُ
خمرٌ ودرٌّ ووردٌ ... ريقٌ وثغرٌ وخدُّ
وقال ابن المعتز
سقتني في ليلٍ شبيهٍ بشعرها ... شبيهةَ خديها بغيرِ رقيبِ
فأمسيتُ في ليلينِ بالشعرِ والدجى ... وشمسين من خمرٍ ووجهِ حبيبِ
باب ١٨ في
الريق والثغر
ومن حسن التشبيه في الريق والثغر قول امرئ القيس المتقارب
كأنّ المدامَ وصوبَ الغمامِ ... وريحَ الخزامَى ونشرَ القطر
يعلُّ به بردُ أنيابها ... إذا طربَ الطائرُ المستحر
وإنما عنى بذلك وقت السحر لأن الأفواه تتغير في الليل لانضمامها وانطباقها وعلى ذلك قول ابن الرومي
وما تعتريها آفةٌ بشريةٌ ... من النومِ إلا أنها تتخصرُ
كذلك أنفاسُ الرياضِ بسحرةٍ ... تطيبُ وأنفاسُ الأنامِ تغيرُ
ومثل ذلك قول عبيد ويروى لأوس بن حجر
كأنَّ ريقتها بعدَ الكرى اغتبقتْ ... من ماءِ أدكنَ في الحانوتِ نضاحِ
1 / 22