منْ ذا يعيركَ عينهُ تبكي بها ... أرأيت عينًا للبكاءِ تعارُ
وقال دعبل بن علي
يا ربعُ أينَ توجهتْ سلمى ... أمضتْ فمهجةُ نفسهِ أمضا
لا أبتغي سقيا السحابِ لها ... في مقلتي خلفٌ من السقيا
وقال العباس وشبه أحسن تشبيه ويروى لأبي نواس
لا جزَى اللهُ دمعَ عينيَ خيرًا ... وجزى الله كلَّ خيرٍ لساني
نمَّ دمعي فليسَ يكتمُ شيئًا ... ووجدتُ اللسان ذا كتمانِ
كنتُ مثل الكتابِ أخفاهُ طيٌّ ... فاستدلوا عليه بالعنوانِ
باب ١٤ في
مرض العين وغنجها
ومن حسن التشبيه في مرض العين وغنجها قول أبي نواس
ضعيفةُ كرِّ الطرفِ تحسبُ أنها ... قريبةُ عهدٍ بالإفاقةِ من سقمِ
وقال
يا غزالًا صيرَ الج ... سمَ كعينيهِ سقيما
حلَّ في جسميَ ما كا ... نَ بعينيك مقيما
وقيل أغزل بيت قالته العرب قول جرير
إنّ العيونَ التي في طرفها مرضْ ... قتلننا ثم لم يحيينَ قتلانا
يصرعنَ ذا اللبِ حتى لا حراكَ به ... وهنَّ أضعفُ خلقِ اللهِ أركانا
وقال ابن المعتز
ضعيفةٌ أجفانهُ ... والقلبُ منه حجرُ
كأنما ألحاظهُ ... من قلبهِ تعتذرُ
وقال البحتري
وكأنّ في جسمي الذي ... في ناظريك من السقمْ
وقال أيضًا
أجدُ النارَ تستعارُ من النا ... رِ وينشا من سقم عين سقمي
وقال ابن المعتز
وتجرح أحشائي بعينٍ مريضةً ... كما لانَ متنُ السيفِ والحدُّ قاطعُ
وقال الطائي
بيضٌ يدرنَ عيونهنَّ إلى الصبا ... فكأنهنَّ بها يدرن كؤوسا
وقال البحتري
وما أسكرتني الكأس حتى أعانها ... عليَّ بعينيه الغداة مديرها
وقال ماني
وكأنما نهكت قوى أجفانهِ ... بالراحِ أو شيبتْ بإغفاءِ
وقال البحتري الهزج
وفي القهوةِ أشكالْ ... منَ الساقي وألوانُ
حبابٌ مثلُ ما يضح ... كُ عنهُ وهوَ جذلانُ
وسكرٌ مثل ما أسك ... ر جفنٌ منه وسنانُ
وطعمُ الريقِ إذ جادَ ... به والصبُّ هيمانُ
لنا من كفهِ راحٌ ... ومن رياهُ ريحانُ
وقال آخر نحو هذا
هي الخمرُ في حسنٍ وكالخمرِ ريقها ... ورقةُ ذاك اللونِ في رقةِ الخمرِ
فقد جمعتْ فيه خمورٌ ثلاثةٌ ... وفي واحدٍ سكرٌ يزيدُ على السكرِ
وقال البحتري
غداةَ تثنتْ للوداعِ وسلمتْ ... بعينيِ موصولٍ بجفنيهما السحرُ
توهمتها ألوى بأجفانها الكرى ... كرى النومِ أو مالت بأعطافها الخمرُ
وقال ذو الرمة
وعينانِ قال اللهُ كونا فكانتا ... فعولانِ بالألبابِ ما تفعلُ الخمرُ
وقال البحتري
تحسبهُ نشوانَ إما رنا ... للفتر من أجفانهِ وهو صاحْ
وشبهوا العينَ بالنرجس فقال ابن الرومي المتقارب
وأحسنُ ما في الوجوهِ العيونُ ... وأشبهُ شيءٍ بها النرجسُ
وقال أيضًا المنسرح
كأنَّ تلكَ الدموعَ قطرُ ندًى ... يسقطُ من نرجسٍ على وردِ
وقال أحدُ الظرفاء
شادنٌ خدهُ وعي ... ناهُ وردي ونرجسي
إنْ يجدْ لي بخمرِ في ... هِ فقد تمَّ مجلس
وقال ابن المعتز
وسنانُ قد خدع النعاسُ جفونهُ ... فحكى بمقلتهِ ذبولَ النرجسِ
ويشبهون العين في تلونها بعين الغزال وهذا تشبيه قديم كقول ذي الرمة
يذكرني ميَّا من الظبي عينهُ ... مرارًا وفاها الأقحوانُ المنورُ
وقال ابن الرقاعِ العاملي
وكأنها وسطَ النساء أعارها ... عينيهِ أحورُ من جاذرِ جاسمِ
وسنانُ أقصدهُ النعاسُ فرنقتْ ... في عينهِ سنةٌ وليسَ بنائمِ
وقال ذو الرمة
إذا أعرضت ب أدماءُ عوهجٌ ... لنا قلتُ هذى عينُ ميٍّ وجيدها
وإنما يشبهون الجيد بجيد الغزال في جيده وحسن نصته كما قال أبو تمام الطائي المنسرح
كالخوطِ في القدِّ والغزالةِ في البهجةِ وابن الغزالِ في غيدهْ
وما حكاهُ ولا نعيمَ لهُ ... في جيدهِ بلْ حكاهُ في جيدهْ
وقال أبو نواس
أعورُ المقلة منْ غيرِ دعجْ ... لوْ عداهُ أعورُ العينِ انسمجْ
تحسبُ النكتةَ في ناظرهِ ... درةً بيضاءَ في فصِ سبجْ
1 / 19