نمْ فما زاركَ الخيالُ ولكن ... ك بالفكرِ زرت طيفَ الخيالِ
وقال عبد الصمد بن المعذل
لم أنلهُ فنلتهُ بالأماني ... في منامي سرًا من الهجرانِ
واصل الحلمُ بيننا بعدَ هجرٍ ... والتقينا ونحن مفترقان
وقال البحتري
أراني لا أنفكُّ في كلِ ليلةٍ ... تعاودُ فيها المالكية مضجعي
أسرُّ بقربٍ من ملمٍ مسامرٍ ... وأشجى ببينٍ من حبيبٍ مودعِ
فكائنْ لنا بعد النوى من تفرقٍ ... تزجيه أحلامُ الكرى وتجمعِ
وقال الطائي
استزارتهُ فكرتي في المنامِ ... فأتاها في خفيةٍ واكتتامِ
الليالي أحفَى بقلبي إذا ما ... جرحتهُ النوى من الأيامِ
يا لها ليلةً تزاورتِ الارْ ... واحُ فيها سرًا من الأجسامِ
مجلسٌ لم يكن لنا فيه عيبٌ ... غيرَ أنا في دعوةٍ الأحلامِ
ومن حسن التشبيه في هذا المعنى قول البحتري
حبيبٌ أتى في خفيةٍ وعلى ذعرِ ... يجوبُ الدجى حتى التقينا على قدرِ
تشككتُ فيه من سرورٍ وخلتهُ ... خيالاُ أتى في النومِ من طيفهِ يسرِي
وقال أيضًا
خطرتْ في النوم منها خطرةٌ ... خطرةَ البرقِ ابتدَى ثم اضمحلْ
أيُّ زورٍ لك لو قصدا سرى ... وملمٍ بك لو حقًا فعلْ
يتراءى والكرى في مقلتي ... فإذا فارقها النومُ بطلْ
وقال علي بن يحيى نحو ذلك المديد
بأبي واللهِ منْ طرقا ... كابتسامِ البرقِ إذْ خفقا
زارني طيفُ الحبيبِ فما ... زادَ أنْ أغرَى بيَ الأرقا
ومثله قول أحمد بن يوسف
في سبيل الله ودٌّ حسنٌ ... دامَ من قلبي لوجهٍ حسنِ
وهوًى ضيعتهُ في سكنٍ ... ليسَ حظي منه غير الحزنِ
يرقدُ الليل ويستعذبهُ ... فإن استعذبتُ طيبَ الوسنِ
زارني منه خيالٌ ما له ... أربٌ في غير أنْ يوقظني
وقال البحرتي وهو أحد المحسنين في ذكر طروق الخيال
وأرى خيالك لا يزال مع الكرى ... متعرضًا ألقاهُ أو يلقاني
يدني إليَّ من الوصالِ شبيهَ ما ... يبديهِ لي أبدًا من الهجرانِ
وله أيضًا
وليلةَ هومنا على العيسِ أرسلتْ ... بطيفِ خيالٍ يشبهُ الحقَّ باطلهْ
فلولا بياضُ الصبحِ طالَ تشبثي ... بعطفيْ غزالٍ بتُّ وهنًا أغازلهْ
وقال التمار
لو زارني طيفكَ يا سيدي ... لقلتُ لا واللهِ لا نفترقْ
وقلبَ هذا المعنى فقال
آنسني طيفكَ حتى إذا ... همَّ بأن يمضي تعلقتُ بهِ
وقال البحتري المنسرح
وزائرٍ زار من أعفتهِ ... يخلطُ وزنًا بأنسهِ ذعرهُ
كأنه جاء منجزًا عدةً ... وبتُّ في الراقبينَ أنظرهْ
لم أنسهُ موشكًا على عجلٍ ... مدامجًا في الحديثِ يختصرهْ
كأنما الكاشحون قد حضروا ... مكانهُ أو أتاهمُ خبرهْ
باب) ١٣ (في
البكاء
ومن جيد التشبيه في البكاء قول الشاعر
نظرتُ كأنّي من وراءِ زجاجةٍ ... إلى الدار من ماء الصبابة أنظرُ
فعينايَ طورًا تغرقانِ من البكا ... فأعشَى وطورًا تحسراِ فأبصرُ
فلا مقلتي من غامرِ الماء تنجلي ... ولا دمعتي من شدةِ الوجد تقطرُ
وليس الذي يجري من العينِ ماءها ... ولكنما نفسي تذوب فتقطرُ
وقال البحتري
وقفنا والعيونُ مثقلاتٌ ... يغالبُ دمعها نظرٌ كليلُ
نهتهُ رقبةُ الواشين حتى ... تعلقَ لا يغيضُ ولا يسيلُ
وقال آخر
غلبتْ عيني الدموعُ فإنسا ... ني غريقٌ يبدو مرارًا ويخفَى
فكأني أراكَ من دون سترٍ ... هزتِ الريحُ متنهُ فتكفَّى
وقال آخر
لعلَّ جفونًا فرقَ الدهرُ بينها ... تلاءَمُ أو تحلَى بطعمِ رقادِ
ويحسرُ دمعٌ لا يزالُ كأنه ... على الخدِ منهلًا تدافعُ وادِ
كأنّ السواري والغوادي تكلفتْ ... له بسواري أدمعٍ وغوادي
وقال ابن هرمة
كأنّ عينيَّ إذا ولتْ حمولهمُ ... مني جناحًا حمامٍ صادفا مطرًا
أو لؤلؤْ سلسٌ في عقدِ جاريةٍ ... ورهاء نازعها الولدانُ فانتثرا
وقال ذو الرمة
ما بالُ عينكَ منها الماءُ ينسكبُ ... كأنه من كلًى مفريةٍ سربُ
ومثله قوله
1 / 17